للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هنا طلقتين؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "والله لأغزون قريشًا" ثم سكت، ثم قال: "إن شاء الله" وهذا يلزم منه صحة الاستثناء ولو وقع الفصل بين المستثنى والمستثنى منه، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن النسخ يصح وإن كان متأخرًا، فكذلك الاستثناء يصح وإن تأخر المستثنى عن المستثنى منه، والجامع: أن كلًّا منهما بيان وتخصيص للكلام الأول. قلتُ: أما السنة القولية؛ فليس المراد به الاستثناء، وإنما المراد به: أن الأفعال المستقبلية لا بد أن تقيد بمشيئة الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، وأما القياس، فهو فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن النسخ رفع ويُشترط فيه التأخير، أما الاستثناء فهو بيان أن المستثنى غير داخل في المستثنى منه، ويُشترط فيه الاتصال، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في المراد من الاستثناء في الحديث السابق، والخلط بين النسخ والاستثناء" فإن قلتَ: لِمَ اشترط الاتصال؟ قلتُ: لأنه يلزم من جواز الفصل في الاستثناء: عدم علم صدق صادق، ولا كذب كاذب؛ لأن كل أحد يستطيع أن يتكلم بكلام عام، ثم إذا قيل له: إنك كذبت بذلك: يستثني ويتخلَّص، وهذا باطل؛ حيث يفضي إلى عدم إتمام عقود ولا مواثيق، ولا معاملات، وهذا فيه مفاسد لا تحصى، فدفعًا لذلك اشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، وقد فصَّلتُ ذلك في كتابي: "المهذَّب في أصول الفقه" (٤/ ١٦٧١) -.

[فرع]: يُشترط في الشرط والصفة الاتصال كما اشترط ذلك في الاستثناء فتقول: "أنتِ طالق ثلاثًا إن دخلتِ الدار" وتقول: "القائمة منكن قد طلقتها ثلاثًا" ولا يصح الانفصال فلا يصح أن تقول: "أنتِ طالق ثلاثًا" ثم بعد مدة يقول: "إن دخلت الدار" أو تقول: "أقصد القائمة" لذلك يسمى الاستثناء، والشرط، والصفة، والغاية، المخصِّصات المتصلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>