صوارف اللفظ عن مقتضاه فوجب مقارنتها لفظًا ونية (٢٣).
(٢٣) مسألة: يُشترط لصحة الاستثناء في الطلاق وغيره: أن يكون ذلك الاستثناء متصلًا لفظًا بالمستثنى منه بدون انقطاع، أو يكون في حكم المتصل: بأن يقطعه قطعًا يسيرًا بشيء ضروري أو حاجي كأن يسكت عن الاستثناء بسبب انقطاع نفسه، أو سعاله، أو عطاس أو نحو ذلك، فهذا الانقطاع لا يؤثر، وهذا يحققه كمال نيته للاستثناء أثناء الكلام، فلو قال:"أنت طالق ثلاثًا" ثم تنفَّس، أو سعل وكان ناويًا للاستثناء ثم قال:"إلا واحدة": فإنه ينفعه ذلك، وتطلق طلقتين، وإن قال ذلك، وهو حين قوله لم ينو الاستثناء، ثم طرأ عليه طارئ فاستثنى قائلًا:"إلا واحدة": فإنه لا ينفعه، وتطلق ثلاثًا، وكذا: لو قال: "أنتِ طالق ثلاثًا" ثم اشتغل بأمر بأن يُسقى ماء، أو ببيع أو شراء: ثم استثنى قائلًا: "إلا واحدة" فإن هذا الاستثناء لا ينفعه، وتطلق ثلاثًا؛ لقاعدتين: الأولى: الاستقراء؛ حيث ثبت بعد استقراء وتتبع كلام أهل اللغة: أن الاستثناء المنفصل يقبح، ويُعدُّ لغوًا عندهم، فلو قال:"أنتِ طالق ثلاثًا" ثم بعد مدة طويلة قال: "إلا واحدة" فهو لغو لا يفيد شيئًا. لأن الكلام في المستثنى والمستثنى منه كالجملة الواحدة، فلا يقع الطلاق قبل تمامها؛ إذ الكلام يورد لإفهام الغير وإفادته، وقوله:"إلا واحدة" بعد مدَّة طويلة لا يفيد شيئًا، لأنه لم يرتبط بالمستثنى منه كالخبر مع المبتدأ، لا بد من اتصالهما، الثانية: التلازم؛ وهو من وجهين: أولهما: أن الاستثناء يصرف اللفظ عن كونه عامًا إلى كونه خاصًا فيلزم أن يقترن به لفظًا ونية، ثانيهما: أن كون الطلاق بالثلاث قد وقع لما سكت عن الاستثناء بأن قال: "أنتِ طالق ثلاثًا" ثم فصل، وسكت عنه، فيلزم من وقوعه: عدم صحة الاستثناء فيما بعد؛ لأن الطلاق إذا وقع لا يمكن رفعه، فإن قلتَ: لا يُشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، بل يجوز انفصاله عنه، وهو قول بعض العلماء فيصح أن يقول:"أنتِ طالق ثلاثًا" ثم بعد مدَّة طويلة يقول: "إلا واحدة" فتطلق =