للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليسير: ما لا يفحش في نفس كل أحد بحسبه، ويضم متفرق بثوب لا

= فخصَّصت هذا الحديث بالدم الكثير؛ حيث قالت عائشة: "قد يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقعصه بريقها" وهذا لا يخفى عادة عن النبي ، لكثرة ما يقع من زوجاته، فيكون قد أقرهن عليه، ولم يُنكره، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فيكون القليل من الدم معفوًا عنه، الثانية: القياس، بيانه: كمان أن القليل من دم الآدمي معفو عنه، فكذلك القليل من دم الحيوان مثله، والجامع: الطهارة في كل، فإن قلتَ: لِمَ كان الدم الكثير نجسًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الدم أو الصديد يتسبب غالبًا في كثير من الأمراض، فدفعًا لذلك حُذِّر منه بالحكم عليه بأنه نجس، فإن قلتَ: لِمَ عفي عن قليله؟ قلتُ: للمصلحة حيث إن الدم أو الصديد القليل من أي مصدر لا يسلم منه أحد، فلو وجب غسله: لَلَحِق أكثر المسلمين ضيق وحرج ومشقة، فإن قلتَ: لِمَ كان الدم الساقط على مائع، أو طعام، أو الخارج من أحد السبيلين نجسًا مطلقًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه سينتشر في المائع بسرعة، وسيُفسد الطعام فيحرم أكله، وإذا خرج من أحد السبيلين فلا يخلو من أن يصطحب معه بعض النجاسات المغلظة، فإن قلتَ: إن دم الآدمي طاهر قليله وكثيره إلا كثير دم الحيض فهو نجس، وهو قول بعض العلماء كابن عثيمين؛ للاستصحاب؛ حيث إنه ورد عنه أنه أمر بغسل دم الحيض فقط، فيكون هو النجس فقط، وإن الصحابة كانوا يصلون بجراحاتهم الناتجة عن الحروب قلتُ: أما الحديث: فلم يفرق بين دم الحيض وغيره من الدماء، لأن الأصل عندنا في الدماء النجاسة، وإنما عفي عن قليله؛ للسنة التقريرية، والمصلحة وقد سبقا، أما الصحابة فقد كانوا يتحرزون مما هو أقل من الدم، ثم إن الدماء الناتجة عن الحروب معفو عنها وإن كثرت؛ لمشقة غسلها، لقلة المياه، ولضيق الوقت فإن قلَت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض الاستصحاب مع السنة التقريرية والمصلحة" فعندنا: إن الاستصحاب لم يبق على ما هو عليه، وعندهم: قد بقي على ما كان إلا ما ثبت عن طريق السنة القولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>