أو بعضها بكل أو بعض الرجال الأقارب، أو الأباعد، فإن قلتَ: لِمَ سُمِّي ذلك بالظهار؟ قلتُ: لأن الظهر من الدابة موضع الركوب والمرأة مركوبة وقت الوطء والجماع، فركوب الأم - فيما إذا قال:"أنتِ علي كظهر أمي - مستعار من ركوب الدابة ثم شبَّه ركوب الزوجة بركوب الأم الذي هو ممتنع شرعًا وعرفًا، وهذه استعارة لطيفة فكأنه قال: "ركوبكِ للنكاح حرام علي" - كما ذكره ذلك بعض أهل اللغة كما جاء في المصباح (٣٨٨).
[فرع]: إذا قال الزوج لزوجته: "أنتِ علي حرام" فإنه إذا نوى به ظهارًا فهو ظهار، وإن نوى به طلاقًا فهو طلاق، وإن نوى به يمينًا فهو يمين، وإن أطلق - ولم ينو شيئًا -: فهو ليس بظهار، بل يمين، وهو مذهب الجمهور؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ فخصَّص الظهار بذلك، فيلزم من لفظ "يظاهرون": أن الذي يُعبِّر بالتحريم لا يكون مظاهرًا؛ لأنه غير اللفظ المستعمل فيه، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من نيته وقصده أن هذا ظهار: أن يكون ظهارًا عملًا بالنية كما يعمل باللفظ، ويلزم من كون التحريم يتنوّع إلى ظهار، وطلاق، وحيض، وإحرام، وصيام: أن لا يكون ظهارًا؛ لأنه تخصيص للعام بدون مخصص، وتقييد للمطلق بدون مقيد، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث ثبت عن ابن عباس أنه قال: "التحريم يمين في كتاب الله" واستدل بالكتاب؛ حيث قال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ ثم قال: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، فإن قلتَ: إن التحريم ظهار: سواء نوى به ظهارًا، أو طلاقًا أو يمينًا، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الشارع جعل التشبيه بمن تحرم عليه ظهارًا، فكذلك التصريح بالتحريم يكون ظهارًا، والجامع: التحريم في كل قلتُ: إن التحريم لا يتخصص بالظهار، بل يكون بالطلاق، وغيره كما سبق، =