= الأهلية" - كما رواه أنس - فيدل مفهوم الصفة منه: على: أن لحم الحمر والبغال الوحشية يؤكل، ويلزم من أكله: طهارة سؤره ولُعابه، فإن قلتَ: إن الحمار والبغل الأهليين نجسان، وكل أجزائهما، ولُعابهما وعرقهما نجسة، - وهو قول كثير من العلماء، وهو ما ذكره المصنَّف هنا؛ للسنة القولية وهي من وجهين: أولهما: أنه ﷺ لما سئل عن الماء وما ينوبه من السِّباع والدَّواب قال: "إذا كان الماء قلتين لم يُنجسه شيء" حيث دلَّ مفهوم العدد منه على أن الماء الذي هو أقل من قلتين: ينجس إذا شرب الحمار والبغل والسباع وأي دابة حُرِّم أكلها ثانيهما: إنه ﷺ قد نهى عن لحوم الحمر الأهلية وعلَّل ذلك بقوله: إنها "رجس" والرجس: النجس، والنهي هنا مطلق، فيقتضي تحريم أكلها، ونجاستها، والبغل مثل "الحمار الأهلي"، لكونه متولدًا منه، فيكون نجسًا مثله، قلتُ: إن السنة التقريرية قد خصَّصت عموم مفهوم العدد من حديث: "إذا كان الماء … " فأخرجت الحمار الأهلي والبغل، من كونهما نجسين، أما قوله: "إنها رجس" فيُحتمل أنه أراد لحمها الذي كان في قدروهم - أثناء أمره لأبي طلحة يوم خيبر - حيث إنه نجس؛ لأنه لحم ما لا يحل أكله، ويُحتمل أنه أراد أنها محرمة مثل ما قال تعالى في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام: ﴿رِجْسٌ﴾ والمراد به التحريم، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل الاستدلال به، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل السنة التقريرية خصصت عموم مفهوم العدد أو لا؟ فعندنا: نعم، وعندهم: لا. وأيضًا هل المراد من لفظ "رجس" النجس أو التحريم؟ فعندنا: التحريم فقط، وعندهم: النجس والتحريم معًا.
هذه آخر مسألة من باب "إزالة النجاسة" ويليه: باب "الحيض والاستحاضة والنفاس"