(ولا) حيض (مع حمل) قال أحمد: "إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم" فإن رأت دمًا: فهو دم فساد لا تترك له العبادة، ولا يُمنع زوجها من
= يأخذون تلك الأحكام من عادات النساء؛ لأن العادة محكَّمة، فإن قلتَ: لِمَ حدِّد الحيض بذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الحيض إذا وجد في الرحم يدل على أنها مستعدة للحمل وتربية الأطفال، ومن كان عمرها لم يبلغ التاسعة، أو تعدَّى الخمسين لا تصلح لأن تحمل أو تربي أطفالًا؛ لمشقة ذلك عليها؛ لكون من لم تبلغ التاسعة لا تتحمَّل مسؤولية حمل وتربية أطفال لأنها طفلة، ومن بلغت الخمسين لا تتحمل مشاق الحمل والولادة، ومتاعب التربية؛ نظرًا لكبر سنها وضعفها، وقلَّة صبرها غالبًا، لذلك تجد الأطباء ينصحون دائمًا بأن لا تحمل المرأة بعد تمامها الأربعين سنة: لأنه ضرر عليها وعلى مولودها، فإن قلتَ: إذا خرج دم من الصغيرة صالح لأن يكون حيضًا: فإنه يكون حيضًا شرعًا وإن لم تبلغ التاسعة، وإذا خرج دم من الكبيرة صالح لأن يكون حيضًا: فهو حيض وإن تعدَّت الخمسين، وهو قول كثير من العلماء ومنهم بعض الحنفية، وتبعهم ابن تيمية؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ حيث إن ذلك عام فيشمل كل حائض: سواء تعدت الخمسين أو لا، وسواء بلغت التاسعة أو لا؛ لأن لفظ "اللائي" في الموضعين - اسم موصول، وهو من صيغ العموم، قلتُ: إن قول الصحابي، والعرف والعادة - السابق ذكرهما - قد خصَّصا عموم هذه الآية، فعُلم من ذلك: أن المطلَّقة التي لم تبلغ التاسعة، أو المطلَّقة التي تعدَّت الخمسين تعتدان ثلاثة أشهر؛ لعدم ثبوت الحيض لهما، فإن قلَت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض عموم الآية مع قول الصحابي، والعرف والعادة" فعندنا: قد خصَّصا عموم الآية، وعندهم لم يقويا على تخصيص عمومها.