(فصل): (وإذا بلغ الغلام سبع سنين) كاملة (عاقلًا: خُيِّر بين أبويه، فكان مع من اختار منهما) قضى بذلك عمر وعلي ﵄، وروى سعيد والشافعي:
= أولهما: أن يكون هذا السفر لغير قصد الإضرار بأمه، وإنما ظروف المعيشة والرزق هي التي اضطرته لذلك، فإن كان الأب قصد من هذا السفر الإضرار والاحتيال لأجل أن يتبعه ولده وتحرم أمه منه: فالحضانة تكون حينئذٍ للأم؛ ثانيهما: أن يكون البلد والطريق المؤدي إليه آمنين، فإن لم يكونا كذلك، أو أحدهما: فالحضانة تكون من حق أمه للمصلحة: حيث إن التصاق الطفل بأبيه فيه مصالح له؛ إذ يقوم بتربيته، وتأديبه، وتخريجه، وحفظ نسبه، وعدم ذلك قد يكون فيه ضياع للطفل، والسفر إلى بلد أو في طريق مخوف فيه مخاطرة، وغلبة هلاك أو تلف، والسفر بقصد الإضرار بالأم: حرام؛ لأنه ظلم للآخر؛ لأنه تفريق بين أم وولدها تفريقًا قد لا تراه بعده، وقد ينساها، وهذا صعب الصبر عليه، وإذا كان الشارع حرّم بيع الأم -إذا كانت أم ولد- دون ولدها، وبيع الولد دونها: فالسفر بالولد بقصد هذا التفريق من باب أولى بالتحريم، فجلبًا لتلك المصالح، ودفعًا للمفاسد: اشتُرط هذان الشرطان، الحالة الثانية: إن كان السفر بعيدًا وطويلًا، أو قريبًا وقصيرًا وكان لحاجة فقط، دون السكنى: فالأحق في حضانة الطفل: المقيم منهما؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه دفع مشقة وضرر السفر عنه، الحالة الثالثة: إن كان السفر قريبًا إلى بلد قريب للسكنى: فالحضانة من حق الأم؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل هو: أن الحضانة للأم؛ نظرًا لتمام وكمال شفقتها، فيستصحب ذلك، ويُعمل عليه، ولا يؤثر -هذا السفر على الطفل؛ لكون أبيه قريبًا منه يمكنه أن يتعاهده بالتربية بين فترة وأخرى، تنبيه: هذا التفصيل في حضانة الطفل عند سفر أحد أبويه هو الصواب؛ نظرًا لمصلحة الطفل، لذلك نزَّل البهوتي كلام صاحب المتن عليه.