أن رسول الله ﷺ خيَّر غلامًا بين أبيه وأمه (٢٥)، فإن اختار أباه: كان عنده ليلًا، ونهارًا، ولا يمنع زيارة أمه، وإن اختارها: كان عندها ليلًا، وعند أبيه نهارًا؛ ليُعلِّمه، ويُؤدِّبه (٢٦)، وإن عاد فاختار الآخر: نقل إليه، ثم إن اختار الأول: نقل
(٢٥) مسألة: إذا بلغ الغلام سبع سنوات: فإنه يُخيَّر بين أبيه، وأمه، فيذهب مع من اختاره منهما وذلك بشرطين: أولهما: أن يكون الأب والأم صالحين للحضانة - بأن استكمل كل منهما الشروط السابقة في مسألة (٢٣) - فإن كان أحدهما لا يصلح لها: فإن حضانته تكون للصالح منهما، ثانيهما: أن يكون هذا الغلام عاقلًا مميزًا بين الشر والخير، والخبيث والطيب، فإن لم يكن عاقلًا، بل كان معتوهًا أو مجنونًا: فالأحق به أمه؛ لقواعد: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه ورد عنه ﵇: أنه خيَّر غلامًا بين أبيه، وأمه، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إنه قد ثبت عن عمر، وعلي أنهما قد خيَّرا غلامًا بين أمه وأبيه، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن جعل الطفل عند الصالح لحضانته أصلح لعاجل وآجل ذلك الطفل، وجعل المعتوه عند أمه أصلح له بلا شك، فلذا اشتُرط هذان الشرطان.
[فرع]: إذا اتفق الأب والأم على أن تكون حضانة الغلام عند أحدهما: فيجوز؛ للتلازم؛ حيث إن الحق في حضانته لا يتعداهما فيلزم صحة ذلك.
(٢٦) مسألة: إذا خُيِّر الغلام بين أبويه: فاختار أباه: فإنه يكون عنده ليلًا ونهارًا، ولا يُمنع من زيارة أمه نهارًا، وإن اختار أمه: فإنه يكون عندها ليلًا فقط، ويكون عند أبيه نهارًا؛ للمصلحة حيث إن كونه عند أبيه ليلًا ونهارًا إذا اختاره، أو كونه عنده نهارًا فقط إذا اختار أمه: أصلح له؛ من حيث حفظه، وتعليمه، وتأديبه، وكونه يزور أمه إذا اختار أباه: فيه برٌّ بها، وتعلُّم عليها؛ لئلا يقطع بها فيما بعد.