للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثاني: التكليف) بأن يكون القاتل بالغًا عاقلًا؛ لأن القصاص عقوبة مغلظة (فلا) يجب (قصاص على صغير و) لا (مجنون) أو معتوه؛ لأنه ليس لهم قصد صحيح (٢)،

= لأن قتل القاتل غير متحتم، فقد يعفو ولي المقتول، وهو مستحق عن طريق المعاوضة فاختص بمستحقه، أما من زنى وهو محصن فقتله متحتم لله تعالى، ولا يسقط بأي عفو، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فنحن قسناه على الخنزير؛ لأنه أكثر شبهًا به، وهم قاسوه على ولي دم المقتول، وهو قياس: "غلبة الأشباه"، فإن قلتَ: لم اشتُرط هذا الشرط؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن القصاص شُرع لحفظ الدماء المعصومة، التي لها قيمة، ومهدر الدم غير معصوم، ولا قيمة له، وفي ذلك دفع مفاسد الاعتداء عن المسلمين العاملين.

(٢) مسألة: في الثاني - من شروط وجوب القصاص والقَوَد - وهو: أن يكون القاتل مكلَّفًا - أي: يكون بالغًا عاقلًا -، فإن كان القاتل صغيرًا، أو مجنونًا، أو معتوهًا، أو زائل العقل بسبب يُعذر فيه كالنائم، والمغمى عليه: فلا قصاص عليه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "رُفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يبلغ" حيث دلَّ بمنطوقه على أن هؤلاء الثلاثة غير مكلَّفين، والمعتوه والمغمى عليه كالثلاثة في ذلك؛ لعدم الفارق، من باب "مفهوم الموافقة"، وهو عام لجميع التكاليف الشرعية، ومنها: أنه لا يُقتص ممن قتل منهم، ودل بمفهوم الغاية على اشتراط التكليف - وهو: البلوغ والعقل والإدراك - الثانية: التلازم؛ حيث إن كون هؤلاء لا قصد لهم صحيح، والقصاص عقوبة مغلَّظة توقع على الفاعل يلزم منه: أن لا يُعاقب بها إلا المكلَّف المدرك لفعله، القاصد له، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المكلَّف هو الذي يصدر منه عادة القتل العمد العدوان، فمنعًا له، وردعًا لأمثاله اشتُرط ذلك؛ لحفظ المجتمع.

[فرع]: إذا قتل السكران: وجب عليه القصاص، وهو قول كثير من المحققين =

<<  <  ج: ص:  >  >>