= منهم أبو يعلى؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن الصحابة أقاموا سكره مقام قذفه، فأوجبوا عليه حدّ القاذف؛ لقيام مظنته، وإذا وجب الحد، فالقصاص الخاص بحق الآدمي أولى بالإيجاب، والجامع: أن كلًا منهما حق لآدمي، الثانية: المصلحة؛ حيث إن الشخص إذا لم يوجب عليه القصاص إذا قتل في حال سكره لأدَّى ذلك إلى أنه إذا أراد قتل أحد يشرب المسكر، ثم يقتل، ويفعل جميع المنكرات كالزنى، والسرقة، ونحوها، ثم يسلم من القصاص والعقاب، وهذا فيه مفاسد عظيمة، ويكون عصيانه سببًا لسقوط عقوبة الدنيا والآخرة عنه، فدفعًا لذلك: أوجب عليه جميع ما يفعله أثناء سكره كما قلنا في وقوع طلاقه، فإن قلتَ: لا يجب عليه القصاص؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المجنون والصبي إذا قتلا عمدًا لا يجب عليهما القصاص، فكذلك السكران، والجامع: زوال العقل، أو قصوره عن إدراك حقائق الأمور، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الجنون والصبا آفة سماوية تقع للإنسان من غير إرادة منه واختيار، بخلاف السكران؛ حيث لم يسكر إلّا باختيار وإرادة منه، فهو مكتسب ويُجازى الإنسان بما اكتسبه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" كما سبق.
[فرع ثان]: إذا قتل شخص شخصًا آخر، وادَّعى القاتل: أنه صغير، أو مجنون، أو معتوه في حال قتله، وكذَّبه ولي المقتول أو قال ولي المقتول: كنت سكرانًا لما قتلت، فقال القاتل: كنت مجنونًا ولا بيِّنة، فإنه يقبل قول القاتل مع يمينه بشرط: أن يكون القاتل ممكن أن يكون صغيرًا، أو مجنونًا: بأن عمره أثناء القتل ممكن أن يكون صغيرًا، وقد اعتراه حال جنون قبل قتله؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل في المسلم الصدق، وبراءة ذمته من القصاص، فيستصحب ذلك ويُعمل به حتى يرد ما يُغيِّره، أما إن لم يمكن أن يكون القاتل =