= لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ، وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ وهذا واضح الدلالة على ثبوت القصاص والقود بقطع الأطراف، والجراح، الثانية: السنة القولية؛ حيث إن الربيع بنت النظر كسرت ثنية جارية، فطالب أولياؤها بالقصاص، فجاء أنس بن النظر أخوها فقال: والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال النبي ﵇:"يا أنس كتاب الله: القصاص" فعفا القوم فقال النبي ﵇: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه" يقصد بذلك أنسًا، فهنا: قد أصرَّ ﵇ على أن يأخذ بالقصاص في ذلك السن، وهذا يدل على جريان القصاص بالأطراف، الثالثة: القياس؛ وهو من وجهين: أولهما: كما أن القصاص ثابت في النفس بالشروط الأربعة السابقة، فكذلك يثبت في الأطراف والجراح والجامع: أن كلًا منهما بحاجة إلى حفظه، ثانيهما: كما أنه يسقط القصاص إذا كانت الجناية خطأ أو شبه عمد، أو تخلَّف أحد الشروط الأربعة المشروطة في قصاص النفس بالنفس: فكذلك يسقط القصاص فيما دون النفس إذا تخلَّف أحد تلك الشروط، والجامع: عدم التساوي بين الجاني والمجني عليه، فإن قلتَ: لِمَ وجبت دية مغلَّظة على من ضرب غيره فأتلف طرفًا، أو أحدث جرحًا من غير قصد؟ قلتُ: لأن هذا الفعل شبه عمد؛ لكونه قصده بالضرب، والدية الواجبة عن طريق شبه العمد مغلظة من حيث سن الإبل كما سيأتي في باب مقادير ديات النفس في مسالتي (٢ و ٤)؛ لأن الفعل وقع مقصودًا، بخلاف جناية الخطأ على نفس، أو طرف، أو جرح: فإن العاقلة تحملها؛ لأن الجاني فعل ما له فعله شرعًا: بأن رمى صيدًا فقتل آدميًا معصومًا، أو أتلف طرفًا من أطرافه، أو جرحه، وهذا ليس من فعله، ولم يقصد شيئًا من ذلك، لذا كانت عليه دية مخفَّفة تتحمَّلها العاقلة عنه - وقد سبق - تنبيه: القصاص فيما دون النفس نوعان: وهما كما يلي: