للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "لو علمتُ أنكما تعمَّدتما: لقطعتكما" (١٢)، وإن تفرقت أفعالهم، أو قطع كل واحد من جانب: فلا قَوَد عليهم (١٣) (وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها)

(١٢) مسألة: إذا اجتمعت جماعة فقطعوا طرفًا من عمرو: كيده، أو رجله، بأن وضعوا حديدة على يده فتحاملوا عليها فقطعوها معًا دون تفريق، أو اجتمعوا وجرحوا عمرًا بجرح الموضِّحة، أو بجرح انتهى إلى عظم: فلعمرو أن يقتص من هؤلاء الجماعة - القاطعين، أو الجارحين - فتقطع يد كل واحد منهم، أو يُجرح كل واحد منهم بشرط: أن لا يتميز فعل كل واحد منهم؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما تُقتل الجماعة إذا قتلوا واحدًا - كما سبق - فكذلك يقتص من كل واحد ممّن اجتمعوا على قطع أو جرح واحد بشرطه، والجامع: أنه يُقتص من كل واحد لو انفرد بقتل النفس، أو القطع، أو الجرح، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إنه قد شهد عند علي رجلان على آخر بأنه قد سرق، فقطعت يده، ثم بعد ذلك جاءاه برجل آخر وقالا: إن هذا هو السارق الحقيقي، وأخطأنا بالأول، فلم يقبل شهادتهما على الثاني، وأوجب عليهما - أي على الرجلين الشاهدين - دية يد الأول، وسلَّمها له: وقال: "لو أعلم أنكما قد تعمّدتما ذلك لقطعتكما" وهذا يدل دلالة واضحة على القصاص في الأطراف والجروح من الجماعة إذا اجتمعوا على قطع أو جرح منفرد، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حفظ المجتمع من أن يظلم بعضهم بعضًا، فلو لم يقتص من الجماعة إذا جرحوا أو قطعوا آخر: لكان هذا طريقًا سهلًا لقطع وجرح الآخرين، كما قلنا في المقصد من قتل الجماعة بالواحد، وهذا فيه رد على من خالف في ذلك ردًا صريحًا.

(١٣) مسألة: إذا اجتمعت جماعة فقطعوا طرفًا من عمرو: كيده، لكن تفرّقت أفعالهم: بأن ضرب كل واحد منهم يده، أو قطع كل واحد من جانب حتى انفصلت تلك اليد وبانت: فلا يجوز لعمرو أن يقتص منهم بأن تُقطع يد كل =

<<  <  ج: ص:  >  >>