للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبرة، فلو مات: تعيَّنت دية الذاهب (١٨).

= جرح المجروح: كان من حق المجني عليه القَوَد، وأخذ الدية كالقَوَد في ذلك؛ لكونها بديلًا عنه؛ فلا فرق، وهذا من باب: "مفهوم الموافقة" للتلازم؛ حيث يلزم من احتمال السراية: الانتظار فلا يُستقاد، ولا تؤخذ الدية قبل البرء والشفاء، ويلزم من استعجال المجني عليه بأخذ قصاصه، أو أخذ الدية قبل برء جرحه: رضاه بترك ما يزيد عليه بالسراية فيما بعد، فيبطل حقه منه؛ لكونه قد دخله العفو بالقصاص، أو أخذ الدية، فإن قلتَ: لم حُرِّم على المقتص - وهو المجني عليه وهو عمرو هنا - أن يقتص هنا قبل برء جرحه، وإذا اقتصّ قبل ذلك: فسراية ذلك لا يضمن، بينما منعه من القصاص في البرد والحر، وبآلة كالّة، قلتُ: منعه في هذه المسألة لمصلحة المجني عليه، وهو عمرو، إذ قد تسري الجناية إلى طرف آخر، أو إلى النفس، بخلاف منعه من القصاص في الآلة الكالَّة، أو الحر أو البرد: فإن ذلك لمصلحة الجاني - وهو زيد هنا - فلذلك ضمن السراية في مسألة (١٦).

(١٨) مسألة: إذا كسر زيد سنًا لعمرو، أو جرحه في موضع غلب على الظن عود السن، أو عود منفعة العضو المجروح: فإنه يجب تأخير القصاص، أو أخذ الدية مدَّة يتحقق فيها عود السن، أو المنفعة، على حسب ما يقوله أهل الخبرة - وهم الأطباء - في مثل هذه الأمور، فإن تحقق ذلك في تلك المدَّة أو بعدها بقليل: فلا قود ولا قصاص، ولا دية على الجاني - وهو زيد هنا - أما إن مات عمرو قبل الانتهاء من تلك المدَّة: فيجب القصاص من زيد، أو أخذ الدية - على حسب ما يراه ولي الدم -، وإن مضت تلك المدَّة التي قررها أهل الخبرة - وهم الأطباء - ولم يعد السن، أو المنفعة: فإن لعمرو الحق في مطالبة زيد بالقصاص، أو الدية؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عود المتلف: عدم جواز مطالبة الجاني؛ لأن ما أتلفه عاد كما كان، ويلزم من عدم العود: المطالبة.

هذه آخر مسائل باب: "ما يوجب القصاص فيما دون النفس من الأطراف والجراح" وهو آخر أبواب كتاب "الجنايات" ويليه كتاب: "الديات".

<<  <  ج: ص:  >  >>