= لكون الآتي بها قد قضى الواجب عليه، الثالثة: القياس؛ بيانه: كما أن من وجبت عليه كفارة اليمين يُخيَّر بين: الإعتاق، والإطعام، والإكساء، أيُّ واحدة يفعلها تسقط عنه الأخرى، فكذلك من وجبت عليه الدية يخيّر بين تلك الأصول الخمسة، ولا ينظر لاختيار ولي الجناية - وهو ولي المقتول- والجامع: التخيير في كل، الرابعة: قول الصحابي؛ حيث إن عمر خطب الناس قائلًا:"ألا إن الإبل قد غلت" قال الراوي: "فقوم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة"، الخامسة: المصلحة؛ حيث إن الاتفاق على دفع ما يعادل قيمة مائة من الإبل، أو غيرها من أصول الديات بالعملة المستعملة في العصر الذي وقعت فيه الجريمة فيه دفع مفسدة الضيق على الناس، فإن قلت: إن الإبل هي الأصل في الدية خاصة، وهو رواية عن أحمد، وذهب إليه الشافعي في الجديد، ولذلك تقوَّم مائة من الإبل بأيِّ عملة إن تعذَّرت الإبل، للسنة القولية: حيث قال ﵇: "ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط مائة من الإبل" فنصَّ على الإبل هنا، قلت: هذا زيادة في التأكيد على الإبل؛ حيث إنها هي المعروفة في عصره ﵇، وكانت ذا قيمة وأهمية عند العرب وكان أغلبهم لا يعرفون إلا الإبل، وهذا هو سبب تكرار ذكرها، وهذا لا يخالف ما سبق من تخييره بين تلك الأصول الخمسة للديات، بل تخيير من وجبت عليه الدية بين تلك الأصول الخمسة فيه توسعة على المسلمين المنتشرين في أنحاء العالم، فكل يدفع ما يلائم ويناسب مجتمعه، وبيئته، وهذا هو المقصد الشرعي منه، تنبيه: زعم بعض الحنابلة: أن ما ذكره المصنف هنا هو من مفردات الحنابلة، وهذا غير صحيح، بل ذهب إليه محمد بن الحسن، وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة إلا أنهما زادا أصلًا سادسًا وهو: دفع مائتي حلَّة من حلل اليمن: كل حلة بردان: إزار، ورداء جديدان، وهو رواية عن أحمد =