للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشعار، وأن تُقام فيه الحدود" (٧)، وتحرم شفاعة، وقبولها في حد الله تعالى بعد أن يبلغ الإمام (٨)، ....................

(٧) مسألة: لا يجوز أن يقام الحد في أي مسجد يُصلَّى فيه؛ للسنة القولية: حيث نهى "عن أن تقام الحدود بالمسجد" والنهي مطلق، فيقتضي التحريم، فإن قلت: لم كان ذلك محرمًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن إقامة الحدود في المسجد يؤدِّي إلى تلوّث وتلطيخ المسجد بما يخرج من المحدود عادة من قاذورات أثناء عملية العقوبة بالحد فدفعًا لذلك: شرع عدم الجواز هنا.

[فرع]: إذا تمّت إقامة الحد في المسجد: فإنه يسقط الفرض ويصح إيقاعه فيه؛ للتلازم؛ حيث إن كون المقصود من إقامة الحدود - وهو الزجر والردع - قد حصل وكون المحدود نفسه لم يفعل ذلك: يلزم منه: سقوط الفرض عنه.

(٨) مسألة: تحرم الشفاعة في حد من حدود الله تعالى، ويحرم على الإمام أن يقبل تلك الشفاعة إذا بلغه الأمر؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله : "تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد وجب" حيث بيَّن بمنطوقه على وجوب إقامة الحد إذا بلغ الإمام أما قبل ذلك: فلا مانع من الشفاعة والعفو، ثانيهما: قوله : "أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟ " وذلك حين شفع أسامة في المخزومية التي سرقت - حيث إنه يلزم من هذا الاستفهام الإنكاري: عدم جواز الشفاعة في الحدود، إذا بلغت الإمام، الثانية: قول الصحابي؛ حيث قال ابن عمر: "من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله: فقد ضاد الله في حكمه"، فقد حرم الشفاعة المانعة من إقامة الحدود؛ لأنه توعَّده بهذا الوعيد، وهو عقاب، ولا يُعاقب إلا على فعل محرّم، وقد ذهب إلى ذلك أيضًا من الصحابة الزبير، وعمَّار، وابن عباس، فإن قلت: لم شُرع هذا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إنه لو دخلت الشفاعة والمحسوبية في الحدود لأفضى إلى عدم إقامة الحدود إلا على الضعيف الذي لا يجد من يشفع له، فتقع المفاسد العظيمة، ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>