والاستيلاء، فالسارق تقطع يده، أما المختلس والمنتهب، والخائن، والغاصب: فلا تقطع أيديهم؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ حيث أوجب قطع اليد بسبب السرقة؛ لأن الأمر مطلق، وهو يقتضي الوجوب، واقتران الحكم - وهو القطع - بالفاء بعد وصف يناسب ذلك يدل على ذلك دلالة ظاهرة، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا" وقال: "ليس على المنتهب قطع" وقال: "ليس على المختلس والخائن قطع"، الثالثة: السنة الفعلية؛ حيث إن النبي ﵇"قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم" فإن قلتَ: لم تُقطع يد السارق، ولا تُقطع يد المختلس والمنتهب، والغاصب، والخائن؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن السارق - على التعريف السابق - لا يمكن التحرز والاحتراز منه؛ لأنَّه يُنقّب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، فلو لم تقطع يد من فعل ذلك: لعظم الضرر ـ كما قال ابن القيم -؛ لأنَّه سيسرق بعض الناس بعضهم الآخر، وسيأخذوا كسبهم، وكدَّهم، وعملهم بلا مقابل، وهذا عين الظلم فدفعًا لذلك حُدَّ السارق بقطع يده، بخلاف الأربعة السابق ذكرهم فيمكن التحرز منهم: فالمختلس يمكن أن يُهزم ويؤخذ الحق منه، وكذلك المنتهب يستطيع بعض الناس الذين رأوا ذلك أن يُخلِّصوا الحق منه، والخائن يمكن أن يُحذر، وكذلك الغاصب فلا يُسمَّى ما فعلوه سرقة، فإن قلتَ: لَمِ تقطع يد السارق؟ قلتُ: للمناسبة؛ حيث إن اليد قد امتدَّت إلى مال غيره بغير حق، فناسب قطعها؛ حتى لا تمتد مرة أخرى، ولا تمتد يد غيره، فإن قلتَ: إن جاحد العارية وهو الخائن فيها يقطع إذا بلغت العارية المجحودة ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، وهي رواية عن أحمد، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للسنة القولية: حيث إنه ﵇ قد أمر بقطع يد المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده. قلتُ: إن المخزومية تلك ليست جاحدة، وإنما هي سارقة فلذلك قطع =