للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد بابًا مفتوحًا، أو حرزًا مهتوكًا: (فلا قطع) عليه (وحرز المال: ما العادة حفظه فيه)؛ إذ الحرز معناه الحفظ، ومنه: احترز أي تحفَّظ (١٤) (ويختلف) الحرز (باختلاف الأموال، والبلدان، وعدل السلطان وجوره، وقوّته وضعفه)؛ لاختلاف الأحوال باختلاف المذكورات (فحرز الأموال): أي: النقود (والجواهر، والقماش في الدور والدكاكين والعمران) أي الأبنية الحصينة، والمحال المسكونة من البلد (وراء

من وقت إخراج العين المسروقة من حرزها، ولا يُحسب من بعد إخراجها، فمثلًا: لو ذبح سارق كبشًا، أو شقَّ ثوبًا وهو في حرزه، فنقصت قيمته عن نصاب السرقة السابق الذكر، ثم بعد ذلك أخرجه من ذلك الحرز ـ وهو لا يبلغ نصاب السرقة -: فإنه لا تقطع يد السارق؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم وجود الشرط؛ حيث لم يُخرج من الحرز نصابًا: عدم وجوب القطع.

(١٤) مسألة: في الثالث - من شروط السرقة التي تُقطع اليد بسببها ـ وهو: أن يُخرج السارق العين المسروقة من حرزها، وهو - أي الحرز -: ما اعتاد الناس حفظ أموالهم فيه، مأخوذ من "احترز": أي: تحفَّظ وتحصَّن ولم يجعل أحدًا يطَلع على ما تحفّظ عليه وحصَّنه؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "ما أخذ من غير أكمامه واحتمل: ففيه قيمته، ومثله معه، وما كان في الجران: ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن" وهذا النص يُخصِّص آية السرقة، كما خصَّصناها باعتبار النصاب، الثانية: الإجماع؛ حيث أجمع كل من يُعتدُّ بقوله من العلماء ـ من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة - على اشتراط ذلك، ومن خالف فقوله شاذ لا يُعتدُّ به، الثالثة: التلازم؛ حيث يلزم من وجوب قطع يد سارق الأموال من حرزه من غير بيانه: أن يُعرف ذلك عن طريق عرف وعادة الناس؛ لأنَّه لا طريق إلى معرفته إلّا من جهته، فإن قلتَ: لَمِ لم يُبين ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الحرز يختلف باختلاف الأزمان، والبيئات، والأماكن، وحال الناس من أمن وخوف - كما سيأتي بيانه-، فدفعًا للمشقّة عليهم: تُرك بيان الحرز لما تعارفوا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>