للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرًا، ذكرًا، عدلًا، قرشيًا، عالمًا، كافيًا ابتداء ودوامًا (٣) (و) يجب (عليه) أي: على الإمام (أن يراسلهم) أي: البغاة، (فيسألهم) عن (ما ينقمون منه: فإن ذكروا مظلمة: أزالها، وإن ادّعوا شبهة: كشفها)؛ لقوله تعالى: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾، والإصلاح إنما يكون بذلك، فإن كان ما ينقمون منه مما لا يحل: أزاله، وإن كان حلالًا لكن التبس عليهم، فاعتقدوا أنه مخالف للحق: بيَّن لهم دليله، وأظهر لهم وجهه (فإن فاؤوا) أي: رجعوا عن البغي، وطلب القتال: تركهم (وإلا) يرجعوا: (قاتلهم)

= تعالى قتال أهل البغي هنا؛ لأن الأمر مطلق فيقتضي الوجوب، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال : "من خرج على أمتي وهم جمع، فاضربوا عنقه بالسيف كائنًا من كان" وهذا الأمر للوجوب؛ لأنه مطلق، الثالثة: الإجماع؛ حيث أجمع الصَّحابة على قتال أهل البغي، فإن قلت: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه اجتماع لكلمة المسلمين، وحماية لهم من الفتن التي تحدث عادة بسب البغاة ممن لا يرضون بأحد من الولاة.

(٣) مسألة: يجب على المسلمين أن يضعوا عليهم إمامًا حاكمًا لهم يكون ذكرًا حرًا، عدلًا، عالمًا بأكثر الأحكام الفقهية، كافيًا في السياسة، وإقامة العقوبات على العصاة، والدفاع عن الأمة ابتداءً، ودوامًا وإن وُجد شخص قرشي صالح لها فهو أولى؛ وإذا أجمع المسلمون أو أكثرهم على شخص وعيّنوه فيجب عليه أن يقبلها، وإن أبى: فإنه يُجبر عليها؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "الأئمة من قريش" الثانية: المصلحة؛ حيث لا يُمكن أن يُقام الدين، ولا الدنيا، ولا مصالح الناس المتعدِّدة إلا بنصب إمام وحاكم لهم، وأجمع المؤرخون وأهل الإسلام: على أن الناس لا يصلحون إلّا بولاة، ولو تولّى من الظلمة فهو خير من عدم ذلك، وسنة من إمام جائر خير من ليلة واحدة بلا إمارة، وإذا كان ذكرًا حرًا عدلًا عالمًا كافيًا في ذلك قرشيًا فهو مقدم على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>