لغير ظالم (٢)(فإن عُدِمَت النية: رجع إلى سبب اليمين، وما هيَّجها)؛ لدلالة ذلك على النية: فمن حلف "ليقضيَّن زيدًا حقه غدًا" فقضاه قبله: لم يحنث إذا اقتضى السبب أنَّه لا يتجاوز غدًا، وكذا:"ليأكلن شيئًا" أو "ليفعلنَّه غدًا" وإن حلف: "لا يبيعه إلا بمائة": لم يحنث إلا إن باعه بأقل منها، وإن حلف:"لا يشرب له الماء من عطش" ونيته أو السبب: قطع منَّته: حنث بأكل خبزه، واستعارة دابته، وكل ما فيه منَّة (٣)
(٢) مسألة: لا يجوز التعريض في الأيمان في المخاطبات مطلقًا: سواء كانت مخاطبة ظالم، أو لا؛ للقياس؛ بيانه: كما لا يجوز التدليس في المبيع، فكذلك لا يجوز التعريض في الأيمان والجامع: التدليس على الآخرين في كل، فإن قلتَ: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مفاسد التدليس والمغالطة والتلبيس في المجتمع. فإن قلتَ: يجوز التعريض في مخاطبة لغير ظالم، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للمصلحة: حيث إن ذلك قد تدعو إليه الحاجة قلتُ: إن مفاسد التعريض في ذلك أعظم من مصلحة التعريض لشخص معين؛ لأن مراعاة المصلحة العامة مقدمة على مراعاة مصالح الأفراد، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحتين: الخاصة والعامة".
(٣) مسألة: إذا حلف شخص، ولم توجد له نية ومقصد من حلفه ذلك: فإنه يُرجع إلى سبب صدور اليمين تلك منه، وهوما هيّجه على الحلف؛ لنعلم نيّته من ذلك، فمثلًا: لو حلف عمرو قائلًا: "والله لأقضينَّ زيدًا حقه غدًا" فقضاه قبل غد، أو حلف قائلًا:"والله لأفعلن شيئًا غدًا" ففعله قبل غد، أو حلف قائلًا:"والله لا أبيعنَّ هذا الثوب إلّا بمائة" فباعه بمائة أو أقلَّ منها، فإنه لا يحنث في جميع تلك الصور الثلاث، لكن لو حلف قائلًا:"والله لا أشرب لعمرو ماءً وإن اشتدَّ بي العطش" وكان سبب ذلك قطع منَّة عمرو على زيد: فإن زيدًا يحنث لو أكل خبزًا لعمرو، ويحنث إذا استعار دابته أو سيارته ونحو ذلك؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون سبب تهييج اليمين أدلَّ شيء على نية الحالف: عدم الحنث في الصور الثلاث =