للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولا تصح) الصلاة (من مجنون) وغير مميِّز؛ لأنه لا يعقل

= باب مفهوم الموافقة المساوي، فإن قلت: لِمَ يقضي هنا؟ قلتُ: لسد الذرائع؛ حيث إنه لو لم يقض هؤلاء ما فاتهم عند إفاقتهم لأدَّى ذلك إلى تساهل هؤلاء فينامون أو يشربون شيئًا يزيل عقولهم لئلا يؤدُّوا الصلاة، فأوجب عليهم قضاء الصلوات التي تركوها؛ تغليظًا عليهم، منعًا من التساهل في أعظم ركن من أركان الإسلام. [فرع]: المغمى عليه لا يقضي ما فاته من الصلوات أثناء الإغماء؛ للقياس، بيانه: كما أن المجنون لا يقضي ما فاته من الصلوات إذا أفاق فكذلك المغمى عليه مثله، والجامع: أن كلًا منهما قد حدث رغم أنفه، ولا يمكن إفاقتهما، فإن قلت: لِمَ لا يقضي المغمى عليه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه يحصل بسبب ليس منه، وقد يطول، فيشق قضاؤه، فإن قلت: إن المغمى عليه يقضي ما فاته من الصلوات إذا أفاق، وهو قول بعض العلماء، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقاعدتين: الأولى: القياس، بيانه: كما أن النائم يقضي الصلوات فكذلك المغمى عليه مثله، والجامع: زوال العقل في كل، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن عمَّارًا قد أغمي عليه فقضى ما فاته بعد إفاقته، قلتُ: أما القياس ففاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن الإغماء نادر الوقوع، والمغمى عليه لا يمكن إفاقته، وأنه يحصل بسبب مرض أو نحوه، بخلاف النوم: فهو كثير الوقوع، ويمكن إفاقة النائم، وهو طبيعي يحصل بدون مرض، ومع هذه الفروق فلا قياس، أما فعل الصحابي: - وهو عمَّار -: فيُحتمل أنه فعل ذلك على سبيل الوجوب، ويُحتمل أنه قضى ذلك على سبيل الاستحباب، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين": فنحن قسناه على المجنون؛ لأنه أكثر شبهًا به وهم قاسوه على "النائم" لأنه أكثر شبهًا به عندهم، وهذا يُسمى بقياس الشبه، وأيضًا "تعارض فعل الصحابي مع القياس" فعندنا يقدم القياس على المجنون؛ لضعف فعل الصحابي؛ لاحتماله، وعندهم: يقدم فعل الصحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>