وإذا ولَّاه ببلد معيَّن: نفَّذ حكمه في مقيم به، وطارئ إليه فقط، وإن ولَّاه بمحل معيَّن، لم ينفذ حكمه في غيره، ولا يسمع بيِّنة إلّا فيه كتعديلها (١٥)، وللقاضي طلب رزق من بيت المال؛ لنفسه، وخلفائه، فإن لم يجعل له فيه شيء، وليس له ما يكفيه، وقال للخصمين: لا أقضي بينكما إلّا بجعل: جاز، ومن يأخذ من بيت المال: لم يأخذ أجرة لفتياه، ولا لحكمه (١٦)، (ويشترط في القاضي عشر صفات: كونه بالغًا
(١٥) مسألة: إذا ولَّى الإمام الأعظم شخصًا قاضيًا في بلد معيَّن: فإن حكم ذلك القاضي ينفذ في جميع المقيمين في ذلك البلد، والوافدين عليه، وهم المقيمون فيه إقامة طارئة ومؤقتة، أما غير المقيم في ذلك البلد، وليس بطاري ووافد إليه: فلا يدخل تحت ولايته، وكذلك إذا سافر القاضي إلى بلد آخر لم يولَّ عليه فلا ينفذ حكمه في المقيمين الساكنين في ذلك البلد الآخر، وكذا: لو وُلِّي القضاء في مجلس، أو محل معين: فلا ينفذ حكمه في مجلس، أو محل آخر، ولا يسمع بيِّنة إلا في محل وبلد ولايته فقط، وهو محل حكمه، ولو سمع ذلك، أو حكم في غير مجلس، أو محل، أو بلد ولايته فيجب أن يعيد ذلك في مجلس، أو محل، أو بلد ولايته؛ للمصلحة: حيث إن كل قاض قد أذن له الإمام الأعظم بأن يقضي في بلد، أو محل، أو مجلس قد عيّنه له، فلا يتعدَّاه القاضي إلى غيره؛ لأن الإمام الأعظم قد علم بواسطة عيونه وجواسيسه أن هذا لا يصلح إلّا للبلد الفلاني فقط فتكون المصلحة في عدم تركه إلى بلد، أو محل، أو مجلس آخر، إذ قد تحصل مفسدة إن ذهب إلى غيره.
(١٦) مسألة: إذا كان للقاضي رزق يصرف له من بيت المال: فلا يجوز له أن يأخذ أجرة من الخصمين، ولا لفتياه للناس، أما إن لم يكن له رزق: فله طلب الرزق هذا له، ولنوابه، ومعاونيه، فإن لم يُصرف له: فله الحق بأن يطلب من الخصمين ما يكفيه من الرزق، وله حق الامتناع من القضاء والفتيا إلا بجعل؛ لقاعدتين: الأولى: المصلحة؛ حيث إنه إذا لم يجز صرف الرزق له: فإن هذا سيؤدي إلى تعطيل =