للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والعمرة، والجهاد ونحو ذلك من الواجبات، خامسها: أن يكون عدلًا؛ للتلازم؛ حيث إن القضاء يلزم منه: أن يكون القاضي يُقبل قوله في الأحكام، والفاسق لا يُوثق بقوله لذلك رُدَّت شهادته، وروايته للأحاديث؛ لعموم قوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ فأمر الشارع بعدم الاستيثاق بقوله والتأكد مما يورده من أقوال، فيلزم من ذلك عدم صلاحيته للقضاء من باب أولى؛ لأن الحكم أولى بالتأكد منه، سادسها: أن يكون مسلمًا؛ للقياس الأولى، بيانه: كما أن الفاسق لا يصلح للقضاء فمن باب أولى عدم صلاحية الكافر له؛ لأن الكفر: فسق وزيادة، سابعها: أن يكون سميعًا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم سماع الأصم لكلام الخصمين: عدم صلاحيته للقضاء، واشتراط توفّر السمع، ثامنها: أن يكون بصيرًا، للتلازم؛ حيث إن تشابه المدَّعي، والمدَّعى عليه على الأعمى، وتشابه الأصوات، وخفاء الحركات التي قد تكون أمارة على بطلان كلام أحد الخصمين: يلزم منه: عدم صلاحيته - أي: الأعمى - للقضاء، تاسعها: أن يكون مُتكلِّمًا؛ للتلازم؛ حيث إن عدم إمكان الأخرس من النطق بالحكم، وعدم فهم جميع الناس أو أكثرهم إشارته يلزم منه: عدم صلاحيته للقضاء، عاشرها: أن يكون مجتهدًا، أي أن يكون بالغًا درجة الاجتهاد في الشريعة، ولا يبلغ الشخص درجة الاجتهاد إلا إذا توفرت فيه شروط المجتهد، وقد فصَّلتُ ذلك في كتابي: "الإتحاف" و"المهذَّب"، ولا يجوز للقاضي أو المفتي أن يتقيَّد بمذهب معيَّن، بل يقضي ويفتي بالحكم الأقوى دلالةً من الكتاب، أو السُنّة، أو الإجماع، أو القياس، أو أي دليل آخر معتبر عنده من الأدلة المختلف فيها كقول الصحابي، وشرع من قبلنا، والاستحسان، والاستصحاب، والعرف، والمصلحة، والاستقراء، والتلازم وغير ذلك مما فصَّلته في الكتابين السابقين؛ للسنة القولية: حيث قال : "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، =

<<  <  ج: ص:  >  >>