كذلك (٢٤)(وإذا حكَّم) - بتشديد الكاف - (اثنان) فأكثر (بينهما رجلًا يصلح للقضاء) فحكم بينهما: (نفذ حكمه في المال، والحدود، واللعان، وغيرها) من كل ما ينفذ فيه حكم من ولَّاه إمام أو نائبه؛ لأن عمر وأُبيًا تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم، ولم يكن أحد ممَّن ذكرنا قاضيًا (٢٥).
لاشتراطه الاجتهاد في الشرط العاشر من شروط القاضي - كما سبق في مسألة (١٧) -.
(٢٤) مسألة: لا يُشترط في القاضي: أن يكون حسن الخلق بأن يختار الفضائل، ويترك الرذائل، ولكن يُستحب أن يكون كذلك؛ للتلازم؛ حيث إن عدم حسن الخلق لا ينافي منصب القضاء فيلزم عدم اشتراطه.
(٢٥) مسألة: إذا طلب اثنان فأكثر من شخص أن يحكم بينهما: فحكم بينهما: فإن حكمه ينفذ ويطبَّق بشرطين: أولهما: أن يكون ذلك الشخص قد توفّرت فيه شروط القاضي السابق ذكرها، ثانيهما: أن يحكم بينهما في الأمور المالية فقط، أما غير ذلك كالحدود، والقصاص، والأنكحة، واللعان: فلا يجوز أن يحكم بها إلّا القاضي المعيَّن من قبل الإمام الأعظم؛ لقاعدتين: الأولى: فعل الصحابي؛ حيث إن عمر وأُبي قد تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم الثانية: التلازم؛ حيث إن كون الحكم في الحقوق المالية لا تحتاج إلى قوة، وأنه لا سراية، ولا آثار لها، وإن حصل شيء من ذلك أمكن إدراكه يلزم منه: جواز حكمه فيها، وجواز تنفيذ حكمه، ويلزم من حاجة الحكم في غير الأموال إلى قوة، واحتمال السراية في التنفيذ، والمخاصمات الشديدة في كثير من الخصومات: عدم جواز الحكم في ذلك إلّا للقاضي المعيّن من قبل الإمام الأعظم؛ لأنه هو الذي يقدر على الإلزام بذلك الحكم، وهذا هو الذي قيد الإطلاق السابق فإن قلتَ: إن من اختير حاكمًا بين اثنين ينفذ حكمه في الأموال، واللعان، والحدود وغيرها، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لفعل الصحابي؛ حيث إن =