للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو زاهدًا (٢١)، أو يقظًا (٢٢)، أو مثبتًا للقياس (٢٣)، أو حسن الخلق، والأولى كونه

الكبائر؛ للمصلحة: حيث إن اتّصافه بالورع يجعل الناس يثقون بما يحكم به، ومن لا ورع له: لا يمكن أن يوثق به، وأكثر الفقهاء قالوا: إن كل ولاية لها ركنان: أولهما: القوة في الحكم، وهذا ترجع إلى قوته العلمية وتنفيذ الحكم الذي يصدره، - ثانيهما: الأمانة، وهي التي يُعبِّر عنها بعضهم بالورع وخشية الله تعالى في السر والعلن، فإن قلت: لا يشترط الورع فيه بل يستحب، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك.

(٢١) مسألة: لا يُشترط في القاضي أن يكون زاهدًا: بأن يتقشَّف في مأكولاته ومشروباته، وسكنه، بل له أن يلبس الوسط من الثياب، ويأكل ويشرب الوسط من الأطعمة والأشربة، ويسكن في الوسط من المساكن، بل يستحب؛ للتلازم؛ حيث إن عدم الزهد لا ينافي تولِّي منصب القضاء فيلزم عدم اشتراطه.

(٢٢) مسألة: يُشترط في القاضي: أن يكون يقظًا متنبهًا لحيل الخصوم التي قد تتبين من حركاتهم، وهيئاتهم، وإشاراتهم؛ للتلازم؛ حيث إن المغفَّل لا يمكنه إدراك الحق من بعض بيِّنات الخصوم فلزم اشتراط اليقظة في القاضي، فإن قلتَ: لا يُشترط ذلك، بل يُستحب أن يكون كذلك، وهو ما ذكره المصنف هنا، قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك.

(٢٣) مسألة: يُشترط في القاضي: أن يكون مثبتًا للقياس، ويحتج به لإثبات الأحكام الشرعية، وأن يعرف حقيقته، وأركانه، وشروط كل ركن، للتلازم؛ حيث إن اشتراط كونه مجتهدًا - كما سبق في مسألة (١٧) - يلزم منه: اشتراط كونه عالمًا مثبتًا للقياس الشرعي؛ لأن القياس أهم أنواع الأدلة المجتهد فيها؛ إذ ثبتت به ثلاثة أرباع الأحكام الفقهية، فالذي لا يُتقنه ولا يثبته فقد انهدم عنده أكثر الأحكام الشرعية، ومثل هذا لا يصلح لأن يتولى القضاء، فإن قلتَ: لا يُشترط ذلك، بل يُستحب أن يكون كذلك، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: هذا مخالف =

<<  <  ج: ص:  >  >>