للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: بريح ميتة إلى جانبه: فلا يُكره، قال في "المبدع": بغير خلاف نعلمه (١٧)، (أو سُخِّن بالشمس أو بطاهر) مباح، ولم يشتد حرُّه (لم يُكره)؛ لأن الصحابة دخلوا الحمام، ورخَّصوا فيه، ذكره في "المبدع"، ومن كره الحمام: فعلَّة الكراهة: خوف مشاهدة العورة، أو قصد التنعُّم بدخوله، لا كون الماء مُسخَّنًا (١٨) فإن اشتدَّ حرَّه أو بَرْدُه: كُره؛ لمنعه كمال

= الأشياء قد تضرُّ بالمسلم إذا اختلطت بالماء الذي يُتطهر به، فحماية له، وحرصًا على تطهير المسلم: مُنع منه.

(١٧) مسألة: يصح التطهر بالماء الذي تغيَّرت إحدى صفاته -اللون أو الريح أو الطعم- بسبب وجوده بجوار جيفة ميتة أو عَذَرَة أو أي شيء نتن؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ وهذا يشمله إطلاق الماء عليه؛ لأن "ماء" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لِمَ صح ذلك؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إنه لو مُنع التطهر به أو كُره: للحق بالمسلمين من ذلك ضيق وحرج؛ لكثرة هذه المياه المتغيرة بسبب ذلك.

(١٨) مسألة: يصح التطهر بالماء المسخن بالشمس عن قصد، والمسخن بحطب طاهر؛ لقواعد الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ هذا عام -كما سبق بيانه-، فيطلق على المسخن اسم "الماء" المطلق، بقصد أو لا، بشمس أو حطب أو غيرهما، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث إنه لم ينكر على ابن الأسلع بن شريك تسخينه للماء بحطب واغتساله به من الجنابة، فلو كان لا أو فيه كراهة لبينه ؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ الثالثة: فعل الصحابي، وهو من وجهين: أولهما: أنه كان لعمر قمقمة يُسخن له فيها الماء، وكان كثير من الصحابة يعلمون ذلك ولا ينكرونه- كما ذكره الماوردي في "الحاوي" (١/ ٤١) ثانيهما: أن بعض الصحابة قد دخلوا الحمامات العامة، وهذا يلزم منه: استعمال الماء المسخن فيها، فإن قلتَ: لِمَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>