الأخصام (٤)، ويسن: أن يكون عفيفًا (٥)، بصيرًا بأحكام من قبله (٦)، ويدخل يوم اثنين، أو خميس، أو سبت (٧)، لابسًا هو وأصحابه أجمل الثياب (٨) ولا يتطيَّر، وإن
(٤) مسألة: يُستحب أن يكون القاضي شديد الفطنة والتنبّه، يعرف الحيل والخدع، والمكر التي يستعملها بعض الخصوم لأخذ حقوق غيرهم، أي: يستحب أن يكون شديد المعرفة للأمارات والدلائل الحالية والمقالية؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه تيسير الوصول إلى إحقاق الحق، وإبطال الباطل؛ لكثرة ما يظهر المحق بصورة المبطل، والمبطل بصورة المحق، ويظهر الزنديق المنافق بصورة الصديق، المتدين الورع، فإذا لم يكن شديد الفطنة والتنبّه لذلك اختلطت عليه حقائق الأمور، وكثر غلطه، فدفعًا لذلك استحب أن يكون كما ذكرنا، تنبيه: شدَّة الفطنة والتنبّه هذا هو المستحب، أما الفطنة واليقظة والتنبّه فهو شرط كما سبق ذكره.
(٥) مسألة: يُستحب أن يكون القاضي عفيف النفس عمّا في أيدي الناس؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه قطع أمل بعض الظلمة من أن يستميلوه بإعطائه بعض العطاءات ليحكم في صالحهم.
(٦) مسألة: يُستحب أن يكون القاضي مطَّلعًا على الأحكام التي سبق أن حكم فيها من سبقه من القضاة؛ للمصلحة: حيث إن ذلك يجعله بصيرًا بالقضايا السابقة التي قُضي فيها؛ ليستفيد من خبراتهم؛ لتعينه على ما سيأتي من أحكام.
(٧) مسألة: يُستحب أن يدخل القاضي مجلس القضاء في ضُحى يوم الاثنين، أو الخميس، أو السبت؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"بورك لأمتي في سبتها وخميسها" الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﵇ قد دخل المدينة، ضحى يوم الاثنين، والمقصود: التفاؤل في ذلك.
(٨) مسألة: يُستحب أن يدخل القاضي مجلس القضاء وهو لابس أحسن ما عنده من الثياب، وكذلك يفعل معاونوه: من كتَّاب، وحُجَّاب، وشُرَط ونحو ذلك؛ للمصلحة: حيث إن ذلك أعظم له ولهم في النفوس فيرهبه ويخافه الظلمة، فلا =