(فمن سبق بالدعوى: قدَّمه) الحاكم على خصمه (٤)، وإن ادَّعيا معًا: أقرع بينهما، فإذا انتهت حكومته ادَّعى الآخر إن أراد (٥)، ولا تُسمع دعوى مقلوبة (٦)، ولا حسبة بحق الله تعالى: كعبادة، وحد، وكفارة، وتُسمع بينة بذلك، وبعتق وطلاق من غير دعوى (٧) لا
عدم جواز طلب القاضي الكلام من أحدهما؛ لأنه تخصيص له وتفضيل، وهذا ظلم ظاهر للآخر يخشى أن يتسبَّب في كسر قلبه.
(٤) مسألة: إذا بدأ أحد الخصمين بدعواه قبل الآخر: فإنه يُقدِّمه القاضي، ويسمع كلامه قبل خصمه، فلو قال خصمه: أنا المدَّعي: لم يلتفت القاضي إليه، ويقول له: أجب خصمك عن دعواه، ثم ادَّع ما تراه فيما بعد؛ للتلازم؛ حيث إن سبقه لخصمه بالدعوى يلزم منه تقديمه؛ لأنه يُقدَّم بالسبق.
(٥) مسألة: إذا ادعيا معًا؛ بحيث إن كل واحد منهما يزعم أنه هو المدّعي على الآخر: فإن القاضي يُقرع بينهما، فمن أصابته القرعة جعله هو المدَّعي الأول، فإذا فرغ من دعواه، وحكم له أو عليه، سمع دعوى خصمه الآخر إن أراد؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون القرعة يُلجأ إليها إذا تساوت الحقوق: أن تستعمل هي، لكون الخصمين قد تساويا عند القاضي.
(٦) مسألة: لا تُسمع دعوى مقلوبة: بأن يدَّعي من عليه الحق على من له الحق بأنه أخذ حقه كأن يقول زيد: "أنا أدّعي على عمرو: أنه يدَّعي عليّ بألف فأحلفني أنه لا حق له علي"؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "البيِّنة على المدعي، واليمين على من أنكر"، والدعوى المقلوبة بصورتها السابقة مخالفة لذلك.
(٧) مسألة: لا تسمع دعوى حسبة بحق الله تعالى كأن يدَّعي زيد على عمرو عند القاضي بأنه ترك عبادة من العبادات، أو اقترف زنا يستحق عليه حد، أو كفارة، ولكن تسمع بيّنة بحق الله، وحدّ، وكفارة بلا دعوى، وكذا: تسمع بيِّنة بعتق، وطلاق بلا دعوى؛ للتلازم؛ حيث يلزم من الدعوى: وجود مدَّعى عليه، وهنا لم يوجد ذلك فلزم أن تسمع البيِّنة بلا دعوى.