حكم به) الكاتب؛ (لينفذه) المكتوب إليه (وإن كان) كل منهما (في بلد واحد)؛ لأن حكم الحاكم يجب إمضاؤه على كل حال (ولا يقبل) كتابه (فيما ثبت عنده ليحكم) المكتوب إليه (به إلا أن يكون بينهما مسافة قصر) فأكثر؛ لأنه نقل شهادة إلى المكتوب إليه، فلم يجز مع القرب كالشهادة على الشهادة (٣)(ويجوز أن يكتب) كتابه (إلى قاضي
الحاجة داعية إليه؛ إذ في ذلك حفظ حقوق الناس في حين عدم المشقة والضيق عليهم ولا تقبل في حدود ليس فيها حق لآدمي؛ لأن ستر صاحبه أولى من الشهادة عليه في تلك الحدود، ولأنها تدرأ بالشبهات، والإسقاط بالرجوع عن الإقرار، وكتاب القاضي إلى القاضي شهادة وفيه شبهة؛ لكونه يتطرّق إليه احتمال السهو والخطأ وذلك في شهود الفرع.
(٣) مسألة: كتاب القاضي المقبول على قسمين: القسم الأول: أن يكتب القاضي بما حكم به كأن يحكم على رجل بحق فيتغيب قبل وفائه، أو يدَّعي عمرو حقًا على غائب، ويسأل القاضي أن يحكم عليه، فيحكم عليه، ويسأله أن يكتب له كتابًا بحكمه إلى قاضي البلد الذي فيه ذلك الغائب، فيكتب إليه: فيجب على القاضي المكتوب إليه قبوله وإمضاؤه: سواء كان القاضي الكاتب، والقاضي المكتوب في بلدين متباعدين، أو في بلد واحد، كل واحد في ناحية منه، للمصلحة: حيث إن حكم القاضي يجب إمضاؤه على كل حال فيلزم قبوله، وإلا تعطّلت الأحكام، وكثرت الخصومات، القسم الثاني: أن يكتب القاضي بعلمه شهادة شاهدين عنده، ويُثبت ذلك، ويرسله إلى القاضي الآخر - وهو المكتوب إليه - وذلك ليحكم بالقضية، فيجب على القاضي الآخر - المكتوب إليه، أن يقبل ذلك إذا كان بين القاضي الكاتب، والقاضي المكتوب إليه مسافة قصر فأكثر - وهي ٨٢ كم -، أما إن كانت المسافة التي بينهما قصيرة - أقل من ٨٢ كم -: فلا تقبل هذه الكتابة؛ للقياس؛ بيانه: كما لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا إذا وجدت مسافة قصر بين شاهد الأصل وشاهد الفرع، ولا تقبل ما هو أقل من ذلك، فكذلك الحال هنا، =