عنده شهادة بحد لله: فله إقامتها وتركها (٧)(ولا) يحل (أن يشهد) أحد (إلا بما يعلمه)؛ لقول ابن عباس: سئل النبي ﷺ عن الشهادة فقال: "ترى الشمس؟ " قال: نعم قال: "على مثلها فاشهد أو دع" رواه الخلال في "جامعه"(٨)، والعلم إما (برؤية،
كأن يحتاج إلى مركوب، أو تأذَّى بالمشي، أو السفر أو نحو ذلك فيجب على المشهود له أن يدفع له تكلفة ذلك ويجوز له أخذ ذلك؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الشهادة تحمُّلًا وأداءً - واجبًا: عدم أخذ الأجرة والجعل عليه؛ لكونه يقوم بواجب، والواجبات لا تؤخذ الأجرة عليها، ويلزم من تكلُّفه على تحمل أو أداء الشهادة: وجوب دفع تلك التكلفة على المشهود له؛ لأنه في مصلحته، ويجوز للشاهد أن يأخذه؛ لانقطاعه عن مصالحه؛ لأجل تلك الشهادة.
(٧) مسألة: يجوز للشاهد إقامة الشهادة في حدود الله تعالى من غير تقدم دعوى، ويُستحب عدم إقامتها وتركها، كأن يرى زيد عمرًا يزني فلزيد أن يشهد عليه بالزنا عند الحاكم، ويُستحب أن يستر عليه؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "من ستر عورة ستره الله في الدنيا والآخرة" حيث بيّن استحباب الستر هنا، وهذا عام، فيشمل ما نحن فيه؛ لأن "من" الشرطية من صيغ العموم، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن حقوق الله مبنية على التسامح، ولا ضرر في تركها على أحد، وهذا يُرغِّب في ستر بعض الناس على بعض، وقد ظهر على وجه عمر الضيق والتأثر لما شهد أبو بكرة ومن معه على المغيرة بن شعبة بالزنا، ولكن تلك الشهادة لم تتم فظهر الفرح والسرور على وجه عمر، فجلد أبا بكرة ومن معه حد القذف.
(٨) مسألة: لا يجوز لأي شخص أن يشهد إلّا بما يعلمه سواء كان علمًا قطعيًا، أو غالبًا على الظن، فإن لم يعلم، أو شك: فلا يجوز له أن يشهد؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ وقال: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ فاشترط في صحة الشهادة: أن يكون الشاهد عالمًا بما =