وإن فعلها؛ لأنه مُكذِّب الله ورسوله وإجماع الأمة، وإن ادَّعى الجهل كحديث عهد بالإسلام: عُرِّف وجوبها، ولم يُحكم بكفره، لأنه معذور، فإن أصرَّ: كفر (١٥) (وكذا:
= ولا يعصي بذلك ولا يأثم؛ للسنة القولية؛ حيث إن جبريل ﵇ قد صلى بالنبي ﷺ كل صلاة في أول وقتها وفي آخرها في يومين ثم قال:"يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين" وهذا يلزم منه: تخيير المكلف بين أجزاء وقت الصلاة: فإن شاء صلى في أوله، أو في آخره، ويلزم منه: أنه إذا أخرها إلى آخر وقتها: فإنه فعل ما له فعله، فلا يعصي، ولا يأثم فيما لو مات قبل وصوله إلى آخر الوقت، فإن قلتَ: لِمَ كان وقت الصلاة واسعًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، فقد لا تسمح ظروف المكلف أن يصليها في أول وقتها، أو وسطه، أو آخره، فخيره الشارع بينها، وهذا فيه توسعة وتيسير، وقد فصَّلتُ الكلام عن هذا في كتابي:"الواجب الموسَّع" فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط العزم على فعلها في آخر الوقت؟ قلتُ: لأن هذا يخرجه عن عزمه على تركها مطلقًا فيكفر.
(١٥) مسألة: إذا جحد شخص وجوب الصلاة: ففيه تفصيل: أولًا: إن كان ممن يجهل مثله كمن أسلم حديثًا، أو الناشئ في صحراء لا يرى فيها أحدًا: فإن هذا يُعلَّم أحكام الإسلام، ومنها: الصلاة: فإن أقرَّ وعمل بذلك: تُرك وشأنه، وإن أصرَّ على جحد وجوبها فإنه يُستتاب ثلاثة أيام، ثم يحكم بكفره ويُقتل بالسيف، ثانيًا: إن كان ممن لا يجهل مثله كالناشئ بين المسلمين: فإنه يُستتاب ثلاثة أيام: فإن أصرَّ: يحكم بكفره ويقتل بالسيف؛ للقياس، بيانه: كما أن المرتد عن الإسلام يُفعل به ذلك، فكذلك من جحد وجوب الصلاة، والجامع: أن كلًا منهما قد كتب الكتاب، والسنة وإجماع الأمة، فإن قلتَ: لِمَ يُعلَّم مَنْ يجهل مثله؟ قلتُ: لكونه معذورًا بالجهل؛ أصله قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ فإن قلتَ: لِمَ يُستتاب ثلاثًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا يُعطيه =