للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا قام بهما من يحصل به الإعلام غالبًا: أجزأ عن الكل وإن كان واحدًا، وإلا: زيْدَ بقدر الحاجة: كل واحد في جانب، أو دفعة واحدة بمكان واحد، ويُقيم

= آخرون بأن صلاتهم قد دخل، وهذا يخلط عليهم أوقاتهم، وإن لم يوجد حولهم أحد فيُستحب لهم؛ لأنهم قاموا بشعيرة من شعائر الإسلام، فإن قلتَ: لِمَ شرع الأذان والإقامة للرجال دون النساء؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الأذان يُشرع فيه رفع الصوت - كما سيأتي - وصوت المرأة عورة، فإن قلتَ: لِمَ شرع الأذان والإقامة للأحرار، دون العبيد؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن العبيد مشغولون عادة بخدمة أسيادهم فلو قاموا بهذه الشعيرة لفقد هؤلاء الأسياد تلك الخدمة أو نقصت وشق عليهم ذلك، فإن قلتَ: لِمَ شرع الأذان للصلوات المكتوبة المؤدَّاة في وقتها دون النوافل، والجنازة، والمقضية والمنذورة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الصلوات المكتوبة هي التي لها وقت مُحدَّد شرعًا فيؤذن لها إعلامًا للناس بأن وقتها قد دخل، لمشروعية الجماعة لها، بخلاف غيرها فلا وقت لها عام، فإن قلتَ: الأذان والإقامة فرضا كفاية: إذا قام بهما من يكفي سقط عن الجميع، ويُقاتل الإمام أهل بلد تركوهما وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للسنة القولية؛ حيث قال لمالك بن الحويرث وآخر معه: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكما أحدكما" حيث أوجب الأذان؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، وقوله: "أحدكما" دليل على أن هذا واجب كفائي: فإذا قام بهما أحدهما: سقط عن الآخر، والإقامة مثل الأذان في هذا، قلتُ: إن حديث: "لو يعلم الناس … " وحديث الأعرابي - السابق ذكرهما - قد صرفا الأمر الوارد في حديث مالك من الوجوب إلى الاستحباب، كما سبق بيانه والإقامة مثل ذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض حديث مالك مع حديث الأعرابي، وحديث: "لو يعلم الناس ما في الأذان … "" فعندنا: الحديثان قد صرفا الأمر الوارد في حديث مالك من الوجوب إلى الندب، وعندهم: لم يقويا على صرفه، بل بقي على إطلاقه المقتضي للوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>