فـ (قرعة) فأيهم خرجت له القرعة: قُدِّم (١٠)(وهو) أي: الأذان المختار (خمس عشرة جملة)؛ لأنه أذان بلال ﵁، (١١) من غير ترجيع الشهادتين، فإن
(١٠) مسألة: إذا تنازع اثنان كل واحد منهما يريد أن يكون مؤذنًا: فإننا نُقدِّم الأفضل منهما في معرفة الأوقات، والأمانة، ورفعة الصوت وحسنه، فإن كانا سواء في ذلك: فإنا نُقدِّم الأفضل منهما في الدِّين والعقل، فإن تساويا في ذلك: فإنا نُقدِّم من يختاره أكثر جيران المسجد، فإن اختاروهما معًا: فإنا نختار أحدهما بواسطة القرعة - وهي: السهمة نصبها الشارع مُعينة للمستحق قاطعة للنزاع - فأيُّهما خرجت له القرعة: كان هو المؤذن؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"يؤذن لكم خياركم" ولا شك أن من اتصف بتلك الصفات يوصف بأنه خيار الناس، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ إذا أراد أن يسافر أقرع بين نسائه فأيتهنَّ خرج سهمها خرجت معه، ويسقط الحق عن البواقي، فتكون مشروعة، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن العقل السليم العارف بما يجلب المصالح، وما يدفع المفاسد يؤيد تلك المراتب، ويجعل الجيران يختارون مؤذنهم؛ لأن منصب الأذان منصب عمل في أهم العبادات، فلا بدَّ من أخذ الاحتياطات والاحترازات في عملية الاختيار، فإذا لم نجد شيئًا نتمسك به من الصفات لتقديم أحدهما: اضطررنا إلى استعمال القرعة المشروعة؛ لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر، فإن قلتَ: لم يقبل أكثر الجيران، دون اشتراط جميعهم؟ قلتُ: لأن العمل بالأكثر والأغلب واجب، ولاستحالة الإجماع.
(١١) مسألة: جمل الأذان المشروعة: خمس عشرة جملة وهي: "الله أكبر" أربع مرات و "أشهد أن لا إله إلا الله" مرتين، و "أشهد أن محمدًا رسول الله" مرتين، و "حي على الصلاة" مرتين، و "حي على الفلاح" مرتين، و "الله أكبر" مرتين، و "لا إله إلا الله" مرة؛ للسنة التقريرية؛ حيث إن بلالًا كان يؤذن للنبي ﷺ هكذا حضرًا وسفرًا، ولم ينكره ولم يُبين خلافه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، =