لأنه أبلغ في الإعلام، زاد في "المغني" وغيره: وأن يكون حسن الصوت، لأنه أرق لسامعه (٨)(أمينًا) أي: عدلًا؛ لأنه مؤتمن يُرجع إليه في الصلاة وغيرها (عالمًا بالوقت)؛ ليتحراه فيؤذن في أوله (٩)(فإن تشاح فيه اثنان) فأكثر: (قُدِّم أفضلهما فيه) أي: فيما ذكر من الخصال (ثم) إن استووا فيها: (قُدِّم أفضلهما في دينه وعقله)؛ لحديث:"ليؤذن لكم خياركم" رواه أبو داود وغيره (ثم) إن تساووا: قُدِّم (من يختاره) أكثر (الجيران)؛ لأن الأذان لإعلامهم (ثم) إن استووا في الكل
= والقضاة يأخذون الأرزاق والعطاءات، والمكافآت على هذه الأعمال من بيت المال فكذلك المؤذن والمقيم والجامع: القيام بمصالح المسلمين في كل، فإن قلتَ: لِمَ حُرم أخذ الأجرة هنا؟ قلتُ: لأنهما قربة لفاعلهما، والقرب عبادات، ولا يجوز أخذ الأجرة على العبادات، فإن قلتَ: لِمَ أُبيح له أخذ الرزق؟ قلتُ: لإغنائه عن كسب العيش، وعن سؤال الناس فينشغل عن ترقُّب الوقت.
(٨) مسألة: يُستحب للمؤذن أن يكون صوته رفيعًا حسنًا مؤثرًا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ لعبد الله بن زيد:"ألقه على بلال؛ فإنه أندى منك صوتًا" أي: أرفع وأحسن صوتًا، الثانية: المصلحة؛ حيث إن المقصود هو: إعلام الغائبين بدخول وقت الصلاة، ولا يحصل ذلك بالكمال إلا بهذه الصفة.
(٩) مسألة: يُشترط في المؤذن: أن يكون عالمًا بأوقات الصلوات، وأن يكون أمينًا وعدلًا؛ لقاعدة:"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" فلا يمكن معرفة دخول وقت الصلاة - الواجب معرفته - إلا إذا كان المؤذن عالمًا بذلك الوقت أمينًا عدلًا يثق الناس به ويرجعون إليه: فوجب اشتراط ذلك فيه، فإن قلتَ: إن هذا مستحب، ولا يجب، وهو ما ذكره المصنف هنا، قلتُ: لا يُسلِّم ذلك؛ لأن المستحب يجوز تركه مطلقًا ومعرفة دخول الوقت، والأمانة لا يجوز تركهما؛ لكونهما يؤثران على أعمال الناس.