للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فليصلها إذا ذكرها" فقد أوجب الشارع قضاء الصلاة الفائتة فورًا دون تراخي؛ لأن الأمر هنا مطلق فيقتضي الوجوب، والفورية، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه لما أشغله المشركون في غزوة الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قام فصلى الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء فيلزم من ذلك وجوب الترتيب، فإن قلتَ: لم أوجب القضاء فورًا سواء بعذر أو لا؟ قلتُ: لأن الذمة قد انشغلت بهذا الوجوب، فلا يسقط الواجب إلا بالإبراء إن كان دينًا، أو الفعل إن كان غير ذلك، وخروج الوقت ليس بواحد منهما، وهذا شامل للمعذور وغيره، وعليه: فلا تبرأ ذمته إلا بفعل الصلاة وإن كان قد أخرها عن وقتها بدون عذر، فإن قلت: إن خرج وقت الصلاة بدون عذر: فلا يصلي تلك الصلاة وهو قول بعض العلماء ومنهم ابن عثيمين؛ للتلازم؛ حيث يلزم من اشتراط دخول الوقت لصحة الصلاة: أن لا تصح إلا به، فلو صلاها بعد خروجه بدون عذر لا تصح منه ولا تقبل، ولا يفهم من الشرط إلا هذا كما لا تصح الصلاة إلا بطهارة وسترة للقادر عليها، قلتُ: إن المقصود باشتراط دخول الوقت: أنه إذا دخل الوقت على هذا المكلف: فإن الصلاة قد وجبت في ذمته، فإن فعلها في الوقت المحدد لها: كانت أداءًا وبرأت ذمته، وإن خرج وقتها وهو لم يفعلها: فإن ذمته تكون مشغولة بذلك الواجب، ولا يسقط عنه إلا بفعله وإن خرج الوقت، لأن "الواجب لا يسقط بفوات وقته" لكنه إن خرج عليه الوقت بدون عذر: فإنه يفعلها ويأثم بذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في الواجب هل يسقط بفوات وقته أو لا؟ " فعندنا: يسقط، وعندهم: لا فإن قلت: لم وجب قضاؤها فورًا بشرط: عدم تضرره، أو عدم حضوره صلاة عيد؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا فيه دفع المضرة عنه، ولأنه لو قضاها وهو حاضر لصلاة العيد لتوهم أحد أنه يصلي العيد فيقتدي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>