يُكره (٩٠)، وإن استدار بجملته، أو استدبر القبلة في غير شدَّة خوفٍ: بطلت صلاته (٩١)(و) يُكره (رفع بصره إلى السماء) إلا إذا تجشأ فيرفع وجهه؛ لئلا يؤذي من حوله؛ لحديث أنس:"ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم" فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال "لينتهينَّ، أو لتُخطفنَّ أبصارهم"
البيان عن وقت الحاجة، فإن قلتَ: لِمَ كُره ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الالتفات عبث وإن كان قليلًا، والعبث يُنقص من أجر الصلاة، فإن قلتَ: لِمَ لم يحرم؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الالتفات اليسير لا يسلم منه أحد، فروعيت المشقة، من باب "ما تعم به البلوى".
(٩٠) مسألة: يُباح للمصلي: أن يلتفت - وإن كان كثيرًا - بشرط: أن يكون ذلك لحاجة أو ضرورة: كأن يكون خائفًا من عدو، أو دابة، أو سيارة، أو حشرة، أو ضياع أهل أو مال أو نحو ذلك؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ كان يلتفت إلى الشِّعب وهو يصلي؛ لوجود عدو هناك - كما رواه سهل بن الحنظلية -، فإن قلتَ: لِمَ أبيح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع ضررٍ عن الناس.
(٩١) مسألة: إذا استدار المصلي بجميع بدنه - رأسه وصدره ورجليه - لغير القبلة، أو جعل القبلة قبالة ظهره: ففيه تفصيل هو كما يلي: أولًا: إن كان في شدة خوف: فصلاته صحيحة، للتلازم؛ حيث يلزم من هذه الشدة في الخوف: صحة الصلاة؛ لأن شرط "استقبال القبلة" - يسقط بالعجز عنه؛ بسبب الخوف، والضرورات تبيح المحظورات، ثانيًا: إن لم توجد شدة خوف: فإن صلاته تبطل للتلازم؛ حيث يلزم من عدم الشرط: عدم المشروط، فيلزم من عدم استقبال القبلة - لغير ضرورة وهي شدة الخوف -: عدم صحة الصلاة؛ فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا التفصيل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مفسدة عن الناس، ومراعاة أحوالهم.