ذكر هاذم اللَّذات" هو بالذال المعجمة، (٢) ويُكره الأنين وتمني الموت، (٣) ويُباح
= هي: الصلاة؛ حيث إنه ينتفع بدعاء المسلمين له في الصلاة، فإن قلتَ: لمَ أفردت مباحث الجنائز بكتاب لوحده، ولم يجعل بابًا من أبواب الصلاة؟ قلتُ: لأمرين: أولهما: إن الصلاة على الميت لا ركوع فيها ولا سجود، وهذا بخلاف الصلوات المعتادة، ثانيهما: أن أكثر أحكام الجنائز لا تخص الصلاة كأحكام التغسيل، والتكفين، والدفن ونحو ذلك، بخلاف أبواب الصلوات السابقة فإنها خاصة بالصلاة.
(٢) مسألة: يُستحب للمسلم أن يُحضر ذكر الموت في ذهنه في جميع أحواله، وأن يستعدّ للرَّحيل عن هذه الدنيا، وأن يعلم تمام العلم أن نهاية كلِّ حي هو هذا القبر، فيترك المعاصي، ويفعل الخيرات؛ للسنة القولية وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "أكثروا من ذكر هادم اللذات" وهو: الموت، ثانيها: قوله ﷺ "أكيس الناس: أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا والآخرة" والأكياس: هم العقلاء الذين يزنون الأمور بميزان العدل والحق، لا يُنافقون ولا يُدارون ولا يُمارون أحدًا وهذه صفة المؤمن، فإن قلتَ: لمَ استحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه بتذكُّره للموت يتيقَّن أنه لن يُعمَّر، بل سيموت كما مات غيره من جميع المخلوقين: من الأنبياء والعلماء والصالحين وغيرهم، فلذا يتجَّه إلى المسارعة بفعل الخيرات، وترك المنكرات.
(٣) مسألة: يُكره أن يجزع أو يئنَّ المسلم إذا أصابه مرض، أو أن يتمنى الموت للتخلُّص من هذا المرض، أو تلك المصيبة التي نزلت به، بل عليه أن يصبر، ويتيقَّن بأن "ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه"، ولذلك: يمنع نفسه عن الجزع، ويمنع لسانه عن الشكوى لغير الله، وإن شكر الله على ما أصابه به من مصائب: فهذه مرتبة فوق مرتبة الصبر، وهو من باب إحسان =