للميت (مال فـ) كفنه ومؤنة تجهيزه (على من تلزمه نفقته)؛ لأن ذلك يلزمه حال الحياة، فكذا: بعد الموت (إلا لزوج لا يلزمه كفن امرأته) ولو غنيًا؛ لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية، والتمكُّن من الاستمتاع، وقد انقطع ذلك بالموت، (٩٤) فإن
= إن أبا بكر ﵁ قال:"كفِّنوني في ثوبي هذين؛ لأن الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هما للمُهْل والتراب" و "المهل": الصديد والقيح - كما قال أبو عبيدة كما في اللسان (١١/ ٦٣٤)، فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الكفن سيذهب مع التراب، والتكفين بالجديد إضاعة للمال، وإسراف، والله لا يحب المسرفين، ولقد صدق أبو بكر ﵁ في مقالته.
(٩٤) مسألة: إذا لم يكن للميت مال: فجميع لوازم تجهيزه: من كفن، وحمل، ودفن تؤخذ ممن تلزمه نفقته، ومؤنته في حال الحياة، فيجب على الآباء وإن علوا أن يُجهزوا أولادهم وإن نزلوا، ويجب على الأبناء وإن نزلوا أن يجهزوا آباءهم وإن علو وهكذا؛ للقياس، بيانه: كما أن نفقته تلزمه حال الحياة، فكذلك تلزمه بعد الممات من تجهيزه، والجامع: أن كلًا منها نفقة لازمة، فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه قطع للمنَّة من الأجانب، فإن قلتَ: إن الزوج لا يلزمه تجهيز زوجته إذا ماتت - وإن كانت نفقتها تلزمه في حال حياتها - وهو ما ذكر المصنف هنا -؛ للتلازم؛ حيث إن عقد النكاح شرع لحلِّ الاستمتاع بالزوجة واستيلاءها، ويلزم من ذلك: النفقة عليها وكسوتها، فيلزم من انقطاع الاستمتاع والاستيلاء بالموت: انقطاع النفقة عليها وكسوتها، قلتُ: هذا لا يُسلَّم، بل يجب على الزوج تجهيز زوجته، وهو قول أكثر العلماء؛ للقياس الذي ذكرناه، وهي قاعدة عامة لجميع من تلزمه نفقته في حال الحياة، وكذا: التلازم؛ حيث يلزم من العشرة بالمعروف والمكافأة بالجميل: وجوب تجهيزها على الزوج، أما التلازم الذي =