للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسلم (و) تُكره (الكتابة والجلوس والوطء عليه)؛ لما روى الترمذي، وصحَّحه من حديث جابر مرفوعًا: "نهى أن تجصَّص القبور، وأن يُكتب عليها وأن توطأ" وروي مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا "لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر" (و) يُكره (الاتكاء إليه)؛ لما روى أحمد: أن النبي ورأى عمرو بن حزم مُتكئًا على قبر فقال: "لا تُؤْذه"، (١٩٤) ودفن بصحراء أفضل؛ لأنَّه كان يدفن أصحابه بالبقيع، سوى النبي ، واختار صاحباه

(١٩٤) مسألة: يحرم تبييض القبر بالجص، أو بالبويات الحديثة، ويحرم تطييبه، والبناء عليه، والكتابة عليه: سواء كتب اسمه أو لا للسنة القولية؛ حيث إنه قد نهى عن تخصيص القبر، والبناء عليه، والكتابة عليه، والنهي مطلق فيقتضي التحريم، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن فعل ذلك قد يؤدِّي إلى تعظيم صاحب القبر، مما قد يفضي إلى عبادته أو التوسَّل به فسدًا ذلك: فإن قلتَ: إن ذلك كله مكروه - وهو ما ذكره المصنف هنا - قلتُ: لم أجد صارفًا للنهي الوارد في الحديث من التحريم إلى الكراهة. [فرع]: يُكره الجلوس على القبر، والوطء والاتكاء عليه، ووضعه كمخدَّة؛ للسنة القولية؛ حيث نهى عن الوطء على القبر، ونهى عمرو بن حزم عن الاتكاء عليه قائلًا: "لا تُؤْذِه" والجلوس عليه وطء وزيادة فيأخذ حكمه من باب "مفهوم الموافقة الأولى"، والسنة القولية الأخرى قد صرفت النهي هنا من التحريم إلى الكراهة؛ حيث قال : "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر" فيلزم من لفظ "خير" هنا: أن الجلوس على القبر مكروه؛ لأن الخيرية لا تكون إلا بين أمرين متفاضلين، ولا عقاب في ذلك، وهو حدُّ المكروه، والجلوس: وطء واتكاء وزيادة، فإن قلتَ: لمَ كُرِه ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الجلوس والاتكاء والوطء على القبر فيه إهانة للميت، ومضايقة لأهله فكره لرفع ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>