للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يشمل قبر النبي وقبري صاحبيه؛ لأن لفظ "القبور" جمع معرف بأل، وهذا من صيغ العموم، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المرأة قليلة الصبر، والعقل، شديدة الجزع والانفعال، فيُخش من زيارتها لقبر قريبها: أن تتصرَّف تصرُّفات لا تليق بالدين من نتف شعر، أو لطم خدٍّ، أو شقِّ جيب، أو تُظهر شيئًا من جسمها، أو تتخيَّل أن أحدًا يُكلِّمها بين القبور، فتُصاب بالأمراض النفسية، أو تفتتن برجل تراه هناك، ويفتتن بها؛ نظرًا لكون المقبرة تكون خارج البلد عادة، فتقع الفاحشة، فدفعًا لذلك كُلِّه: حُرِّمت زيارتها، فإن قلتَ: إن زيارة المرأة للقبور مكروهة، ولا تحرم، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: لم أجد دليلًا على ذلك، ولا توجد قرينة تدل على أن "اللَّعن" ليس بعقاب، فإن قلتَ: تُباح زيارة المرأة للقبور مطلقًا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "فزوروها" حيث أباح زيارة القبور لكل شخص؛ لأنَّه أمر ورد بعد حظر، وهو يقتضي الإباحة، وهو عام للرجال والنساء؛ لأن "واو الجماعة" من صيغ العموم، فيدخلن في الخطابات الموجهة إلى الرجال، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن عائشة قد زارت قبر أخيها: عبد الرحمن قلتُ: أما حديث: "فزوروها" فهو عام - كما ذكرتم - ولكنه مُخصَّص بالسنة القولية؛ حيث قال : "لعن الله زائرات القبور"، والخاص مُقدَّم في العمل على العام، فيُعمل بالحديث الخاص، وبما بقي بعد التخصيص من الحديث العام، فتستمر دلالة حديث: "فزوروها" على استحباب زيارتها للرجال، ولكنه لا يُعمل به في النساء، أما فعل الصحابي - وهي: عائشة فقد يكون اجتهادًا منها، ولا يُعمل باجتهادها إذا عارض السُّنَّة، ويُحتمل أنها لم تعلم بحديث "لعن الله زوَّارات القبور" والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة القولية مع السنة القولية" فعندنا: الخاص من السنة القولية يخصِّص العام منها، وعندهم لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>