وجبت فيه الزكاة كالبهائم، والزروع والثمار، والنقدين، والعقارات ونحوها - مما سيأتي بيانه - وخرج بذلك: المال الواجب إخراجه بأسباب أخرى: كالوفاء بالدَّين، والنفقات، والنذور، والكفَّارات، والدِّيات، وأثمان البيوع ونحوها والمراد بـ "الطائفة المخصوصة" الأصناف الثمانية التي أمر الشارع بأن تدفع لهم الزكاة - كما سيأتي -، والمراد بـ "الوقت المخصوص": تمام الحول في الأثمان، والنقود، وبهيمة الأنعام، وعروض التجارة، واشتداد الحب، وبدو صلاح الثمار، وخروج ما في الأرض، وغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان لزكاة الفطر، وسيأتي تفصيل ذلك - وخرجت بذلك النذور والكفَّارات، والدِّيات ونحوها مما لم يُعيَّن لها وقت محدَّد، فإن قلتَ: لمَ سُمِّي هذا المال المخرج زكاةً؟ قلتُ: لكونه يُزكي، ويزيد، ويُنمِّي المخرج منه، ويتسبَّب في بركته، ويحميه من الآفات التي تنقصه أو تزيله، وتُبارك في المزكي، ويكون بسبب إخراجها نقيًا طاهرًا صالحًا وهذه مسوِّغات دخول الجنة، فإن قلتَ: لمَ سُمِّيت الزكاة بالصدقة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ … ﴾؟ قلتُ: لأن إخراجها بنفس راضية دليل على صدق عبودية مخرجها الله تعالى، وامتثاله لأوامره؛ ذلك لأنَّه يُخرج بعض ماله الذي لم يجتمع عنده إلا بشق الأنفس، وهذا لا يفعله إلا من صدق وقوي إيمانه، وأراد أن يتقرَّب بذلك إلى الله تعالى، ويهون كل شيء لأجل رضى الله تعالى، فإن قلتَ: لمَ وُضعت الزكاة بعد الصلاة في الكتب الفقهية؟ قلتُ: لأن الزكاة تُشبه الصلاة في عظم شأنها، وخطر تركها، وتأثيرها في صلاح فاعلها وسعادته في الدنيا والآخرة، وتأثيرها في بناء المجتمع الإسلامي المتكافل، المتواصل، المتعاون، ولذلك جاء ذكرها بعد الصلاة مباشرة في اثنتين وثمانين آية من القرآن، وفي كثير من الأحاديث، ولم تكن الصحابة تفرِّق بينهما، لذا قال أبو بكر ﵁ - في قتال المرتدين -: "والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة" ولم يُنكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعًا سكوتيًا.