للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض) دون مالكها كالمستعير، لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (١٧)،

المالك بأن يُزكي عن الشعير بُرًّا، أو عن الرديء جيدًا: لتضرَّر، ولو أخرج المالك عن البر شعيرًا، أو الجيد رديئًا: لتضرَّر الفقير، فدفعًا لذلك: شُرع هذا فإن قلتَ: إن هذا يشق، وهو قول ابن قدامة وبعض العلماء قلتُ: هذا بعيد، بل هو سهل على المزارعين المتَّقين، وقد وقع عند كثير منهم فلم يروا هذه المشقة التي زعمها بعضهم، وحتى لو وجُدت مشقة في ذلك فإنها في سبيل إحقاق الحق تُتحمَّل لذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحتين" فعملنا بالمصلحة الأولى؛ لعمومها، ولعدم المشقة في ذلك وهم عملوا بالمصلحة الثانية؛ دفعًا للمشقة عن المالك.

(١٧) مسألة: إذا استأجر شخص أرضًا فزرعها وغرسها فأنتجت وأثمرت حبوبًا وتمرًا: فتجب زكاة ذلك على المستأجر: فإن كان ذلك بلا مؤنة: فيُخرج العشر، وإن كان ذلك بمؤنة: فيُخرج نصف العشر من ذلك ولا دخل لمالك الأرض ومؤجرها؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ حيث إن هذا الخطاب مُوجَّه إلى الشخص الذي من حقه جذاذ الثمار، وحصد الحبوب وكيلهما ووزنهما، وهو هنا: المستأجر، دون المالك، الثانية: القياس، بيانه: كما أن المستعير يُزكِّي الشيء الذي استعاره، فكذلك المستأجر مثله، والجامع: أن كلًا منهما قد ملك ما تحت يده وانتفع به، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن الغرم يتبع الغُنْم، فكما أن المستأجر يغنم ما تحت يده، فعليه إخراج زكاته؛ ليواسي به الفقراء، فإن قلتَ: لِمَ لا تجب على المالك؟ قلتُ: لأنه لو وجبت عليه لوجبت عليه ولو لم تزرع أو تغرس، ولقُدِّر بقدر الأرض، لا بقدر الزرع والغرس، ولكن هذا لم يكن - كما سبق -.

<<  <  ج: ص:  >  >>