بالنقود عن الصاع من بُرٍّ ونحوه في زكاة الفطر؛ للسنة التقريرية؛ وهو حديث أبي سعيد الخدري السابق ذكره في مسألة (٢٧) حيث نصَّ على الأصناف الخمسة - وهي: البر، والشعير، والتمر، والزبيب والأقط - والنَّص عليها يلزم منه: عدم إجزاء إخراج غيرها ليس من جنسها، والقيمة ليست من جنسها، فلا يُجزئ إخراجها، فإن قلتَ: لمَ لا يُجزئ ذلك؟ قلتُ: لأن إخراجها تركًا للمأمور بإخراجه، فيكون إخراج القيمة مردودًا؛ عملًا بعموم قوله ﷺ:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ"، فإن قلتَ: يُجزئ إخراج القيمة هنا، وهو قول كثير من الحنفية؛ للقياس، بيانه: كما أنه يجوز إخراج تلك الأصناف الخمسة من الأطعمة فكذلك يجوز إخراج القيمة والجامع: نفع الفقير في كل، بل إن هذا قياس أولى؛ لأن القيمة أنفع للفقير من تلك الأصناف؛ حيث إنه سيشتري بها طعامًا وغيره، قلتُ: هذا القياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن القيمة ليست من جنس الأطعمة؛ حيث إن الأطعمة أنفع للفقراء، والواقع يشهد لذلك؛ إذ قد يشتري الفقير بتلك القيمة أشياء تُفسده وتُفسد غيره، وقد يبخل رب الأسرة الفقيرة بتلك القيمة، فلا يُنفقها على أسرته، ثم إنه يلزم أن يشتري بتلك القيمة بعض الأطعمة وهذا قد يشق على بعض الناس، فدفعًا لذلك: شرع الشارع الأصناف الخمسة وما هو من جنسها فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل يُقاس على المحصور بعدد؟ " فعندنا: لا يُقاس هنا على تلك الأصناف الخمسة إلا ما هو من جنسها وعندهم: يقاس عليها ما هو من جنسها وما هو من غير جنسها بجامع: النفع كما سبق بيانه.
هذه آخر مسائل باب "زكاة الفطر" ويليه باب "إخراج الزكاة"