تمَّ الحول والنِّصاب ناقص قدر ما عجَّله: صحَّ، وأجزأه؛ لأن المعجَّل كالموجود في مُلكه، فلو عجَّل عن مائتي شاة شاتين فنتجت عند الحول سخلة: لزمته ثالثة (٢٢)، وإن مات قابض معجَّلة، أو استغنى قبل الحول: أجزأت (٢٣)، لا إن دفعها إلى من
وجوبه فجاز، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط بلوغ النصاب في ذلك؟ قلتُ: لكون بلوغ النصاب سبب ولا يجوز تقديم الحكم على السبب، فإن قلتَ: لمَ لا يجوز تعجيل الزكاة عما سيستفيده مستقبلًا؟ قلتُ: لأن ما سيأتي ليس في ملكه؛ لعدم وجوده حقيقة، فإن قلتَ: لمَ حُدِّد التعجيل بالحولين فقط؟ قلتُ: لأن التعجيل خلاف الأصل، وإذا جاز في الحولين للنَّص وهو خلاف الأصل؛ رخصة - فما عداه يبقى على الأصل فيه كما قال ابن عقيل.
(٢٢) مسألة: إذا عجَّل زكاة ماله، ثم بعد أن تمَّ الحول وجد أن النصاب قد نقص مقدار ما عجَّله: فإن هذا يصح ويُجزئ عنه ما أخرجه، فمثلًا: لو عجَّل وأخرج شاتين عن مائتي شاة، فأنتجت هذه المائتان سخلة واحدة عند الحول: فإنه يجب عليه أن يخرج شاة ثالثة؛ للقياس، بيانه: كما أنه لو ملك مائتان وواحدة من الشياه: فإنه يُخرج زكاة عنها ثلاث شياه فكذلك يفعل إذا عجَّل عنها، والجامع: أن كلًا من المعجَّل والموجود داخل في مُلكه؛ لقاعدة:"إعطاء المعدوم حكم الموجود".
(٢٣) مسألة: إذا عجَّل زيد زكاة ماله ودفعها لعمرو الفقير حين الدفع ثم مات عمرو أو استغنى قبل تمام الحول على ذلك المال الذي عُجِّلت زكاته: فإن ما عجَّله زيد من زكاة يُجزئ عنه؛ للتلازم؛ حيث إن وجود عمرو فقيرًا عند دفع الزكاة إليه، وقبضها يلزم منه: إجزاؤها عن زيد، فإن قلتَ: لمَ أجزأت هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنها لو لم تكن مُجزئة لأدَّى إلى عدم جواز تعجيل الزكاة؛ نظرًا لتطرق احتمال موت قابض المعجَّل منها واستغنائه.