للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه إلا أن أبا حنيفة قال: الكلب طاهر الذات إلا أن سؤره نجس.

وذهب الزهري، ومالك، وداود؛ إلى أن الكلب طاهر الذات، وأن الماء الذي ولغ فيه طاهر يجوز الوضوء به.

وقال الترمذي، والأوزاعي: يتوضأ به إذا لم يجد ماءً غيره.

وزاد الثوري: ثم يتيمَّم بعده.

ويدل على نجاسة عين الكلب، الأمر بتطهير الإناء من ولوغه.

ويدل على نجاسة الماء أمران: -

أحدهما: أن الكلب إنما باشر الماء، وقد أمر بتطهير الإناء الذي فيه الماء، فبالأولى أن يكون المباشر نَجِسًا.

والثاني: أنه قد جاء في إحدى روايات مسلم "فَلْيُرِقْهُ" والأمر بإراقته دليل على نجاسته، لأنه لو كان باقيًا على طهارته لم يأمر بإراقته.

ومن ذهب إلى طهارة الماء والإناء قال: إنما أَمَرَ بغسله تَعَبُّدًا، لا لأنه نجس.

وهذا القول كما تراه (١).

وأما عدد الغسلات: فمذهب الشافعي سبع إحداهن بالتراب وروي ذلك عن


(١) قال الحافظ في الفتح (١/ ٣٣٢):
التعليل بالتنجيس أقوى لأنه في معنى المنصوص، وقد ثبت عن ابن عباس التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه رجس رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح. ولم يصح عن أحد من الصحابة خلافه، وأذا ثبتت نجاسة سؤره كان أعم من أن يكون لنجاسة عينه أو لِنجاسة طارئة كأكل الميتة مثلاً، لَكن الأول أرجح إذ هو الأصل، ولأنه يلزم على الثاني مشاركة غيره له في الحكم كالهرة مثلًا، وإذا ثبتت نجاسة سؤره لعينه لم يدل على نجاسة باقيه إلا بطريق القياس، كأن يقال: لعابه نجس ففمه نجس لأنه متحلب منه واللعاب عرق فمه وفمه أطيب بدنه فيكون عرقه نجسًا وأذا كان عرقه نجسًا كان بدنه نجسًا ... اهـ بتصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>