للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

في التسْعِير

أخرج المزني عن الشافعي -رضي الله عنه- عن الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن القاسم بن محمد، عن عمر: "أنه مَرَّ بحاطبٍ بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فَسَعَّر له مُدَّيْن لكل درْهم، فقال له عمر: قد حُدِّثْتُ بِعيرٍ مقبلة من الطائف تحمل زبيبًا، وهم يعتبرون بسعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت، فتبيعه كيف شئت فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبًا في داره، فقال له: إن الذي قلت ليس بعزمة مني ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع".

وقد أخرج بعض هذا المعنى مالك في الموطأ (١): "أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبًا له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا".

قال الشافعي: وهذا الحديث الذي روينا ليس بخلاف لما روى مالك، ولكنه يروي بعض الحديث، أو رواه من روى عنه، وهذا أتى بأول الحديث وآخره، وبه أقول.

وجملة الأمر أن ليس [للناظر] (٢) في أمور المسلمين أن يُسَعِّر على أهل الأسواق أمتعتهم من طعام وغيره، سواء كان في حال الرخص أو الغلاء.

قال الشافعي: ولأن الناس مسلطون على أملاكهم، فلا يجوز أن يؤخذ منهم إلا برضاهم ما لم تكن حالة الضرورة وسواء اختلفوا فيما يبيعون أو اتفقوا.


(١) الموطأ (١٣٢٨).
(٢) في "الأصل": المناظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>