للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثامن

فيما يجوز قتله من الحيوانات لغير مأكله

أخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي عمار قال: "رأيت ابن عمر يرمي غرابًا بالبيداء وهو محرمًا" (١).

البيداء: موضع قريب من المدينة والميقات قبله، فإذا كان في البيداء يكون قد أحرم من ميقات المدينة وهو ذو الحليفة.

والغراب من الفواسق التي يجوز قتلها في الحرم وغيره، وهي: الحدأة، والغراب، والحية، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور.

وابن عمر لم يرد صيد الغراب، وإنما أراد دفعه عنه وطرده ليبعده عن أذاه، فلو أصابه برميه لنبله وفذلك جائز، ولهذا ذكره الشافعي مستدلًا به على جواز قتله لأنه صيد.

قال الشافعي: قال الله -عز وجل ثناؤه-: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (٢).

فلما أثبت الله -جل ثناؤه- إحلال صيد البحر، وحرم صيد البر ما كانوا حرمًا، دل على أن الصيد الذي حرم عليهم ما كانوا حرمًا؛ ما كان أكله حلالًا لهم قبل الإحرام.

قال: وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدل على ما قلت، وإن كان بيَّنا في الآية. والله أعلم.

قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهذا عندنا جواب على المسألة وكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال وأن يكون يضر، قتله المحرم، لأن


(١) كذا في الأصل على النصب، وفي المسند بالرفع: (وهو محرم) وكذا في المعرفة (٧/ ٤٧٦).
(٢) المائدة: [٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>