للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس

في ترك الكلام وتقليله

أخبرنا الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم، عن حنظلة، عن طاوس أنه سمعه يقول: سمعت ابن عمر يقول: "أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة".

هذا حديث حسن أخرجه النسائي (١) عن محمد بن سليمان، عن الشيباني، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس قال: قال عبد الله بن عمر "أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في الصلاة".

وفي رواية: عن يوسف بن سعيد، عن حجاج وعن الحارث بن مسكين، عن ابن وهب كلاهما عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطواف بالبيت صلاة فأقلوا الكلام".

وأقلوا: أمر بالتقليل، قل الشيء يقل قلة: إذا صار قليلاً، وأقله غيره يقله: أي جعله قليلاً وقلله كذلك.

وفي رواية الشافعي: "فإنما أنتم في صلاة" منكَّرا، وفي رواية النسائي: "فإنما أنتم في الصلاة" معرفًا، والتنكير أولى لأن الطواف على الحقيقة ليس صلاة دائمًا، وإنما يشارك الصلاة في بعض شروطها كما سيأتي بيانه، فتنكيره يقتضي أنه مشبه بالصلاة وأنه نوع منها أو شيء يقرب منها، ومما يعضد ذلك الرواية الثانية التي للنساء، فإنه قال: "الطواف بالبيت صلاة" فجاء بها نكرة مثل رواية الشافعي.

وأما التعريف: فيقتضي أن يكون الطواف هو الصلاة، لأنه بالألف واللام ومتى كان الخبر معروفة كالمبتدأ كان هو.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الطواف لا يجوز إلا بما يجوز به الصلاة من طهارة الحدث، وطهارة النجس, وستر العورة وغير ذلك من شرائط الصلاة إلا


(١) النسائي (٥/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>