للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

في نفقة الأقارب

أخبرنا الشافعي: اْخبرنا سفيان، عن محمد بن المنكدر أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي مالاً وعيالاً، وإن لأبي مالًا وعيالاً، وإنه يريد أن يأخذ مالي فيطعمه عياله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك".

هذا الحديث هكذا أخرجه الشافعي مرسلاً، وقد جاء هذا المعنى عند أبي داود (١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه عن محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده وذكر نحوه.

قوله: "أنت ومالك لأبيك" يريد أن الأب تجب له النفقة على الابن في ماله، فإن لم يكن للولد مال وكان له كسب لزمه أن يكسب وينفق عليه. وقد اختلف في صفة الأب الذي تجب له النفقة فقال الشافعي: إنما تجب للأب الفقير الزَّمِن العاجز عن الكسب، فإن كان له مال أو كان صحيح البدن فلا نفقة له.

وقال الفقهاء: نفقة الوالدين واجبة على الولد.

قال الخطابي: ولا أعلم أحدًا منهم اشترط فيها الزمانة كما اشترطها الشافعي.

وقد استدل الشافعي بحديث هند المقدم ذكره على وجوب نفقة الولد على أبيه دون أمه، وبقول الله -عز وجل-: {وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وبقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (٣).


(١) أبو داود (٣٥٣٠).
(٢) [البقرة: ٢٣٣].
(٣) [الطلاق: ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>