للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

في التخيير بين القصاص والدية

أخبرنا الشافعي: أخبرنا معاذ بن موسى، عن بكير بن معروف، عن مقاتل ابن حيان قال مقاتل: أخذت هذا التفسير عن نفر -حفظ معاذ منهم-: مجاهد والحسن والضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (١) الآية. قال: كان كُتِبَ على أهل التوراة "من قتل نفسا بغير نفس حق أن يقاد بها ولا يعفى عنه ولا تقبل منه الدية". وفرض على أهل الإنجيل: "أن يعفى عنه ولا يقتل ولا يقتل" ورخص لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفى عنه فذلك قوله تعالى: {تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} يقول الدية تخفيف من الله إذ جعل الدية ولا يقتل. ثم قال: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. يقول: من قتل بعد أخذ الدية فله عذاب أليم. وقال في قوله تعالى: {وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ينتهي بها بعضكم عن بعض مخافة أن يقتل.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، أخبرنا عمرو بن دينار قال: سمعت مجاهدًا يقول: كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية، فقال الله -عز وجل- لهذه الأمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} مما كتب على من كان قبلكم {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

هذه الرواية الثانية التي رواها مجاهد، عن ابن عباس قد أخرجها البخاري (٢): عن الحميدي وقتيبة، عن سفيان، عن عمرو.


(١) [البقرة: ١٧٨].
(٢) البخاري (٤٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>