للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفرعُ الثَّانِي

في التفْوِيضِ والتخْيِيِر

أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "كان يقول إذا مَلَّك الرجل امرأته فالقضاء ما قضتْ، إلا أن يناكرها الرجل فيقول: لم أرد إلا تطليقة. فيحلف على ذلك؛ فيكون [أملك] (١) بها ما كانت في عدتها".

هذا الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (٢) إسنادًا ولفظًا.

قوله: "ملك امرأته" يريد فوض طلاقها إليها، فملكها ما لم يكن في ملكها.

وقوله: "فالقضاء ما قضت" يريد أن حكم الطلاق مرجوع فيه إلى قولها، متى أوقعت الطلاق وقع، كما كان إلى الزوج.

وقوله: "إلا أن يناكرها" يريد يخالفها فيما ملَّكها من عدد الطلقات وإيقاعه.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن التفويض تمليك لها، وقيل: إنه توكيل كتوكيل الأجنبي، وينبني عليه أنها لو طلقت نفسها في مجلس آخر لا على الاتصال لم يجز إن جعلناه تمليكًا، وإن جعلناه توكيلًا جاز.

وألفاظ التفويض منها صريح ولا يحتاج إلى نية، ومنها كناية يحتاج إلى النية، فإذا قال: طلقي نفسك. فقالت: طلقت نفسي. وقع الطلاق.

وإذا قال: اختاري نفسك. فقالت: اخترتك. لم يقع عليها شيئًا، وبه قال


(١) تكررت في "الأصل".
(٢) الموطأ (١١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>